المثقف الملتزم والرائد الذي لايكذب أهله
الناقد الذي يبني ولايهدم
عبدالهادي البابي
متواضع جداً..خجول بطبعه وتصرفاته ..يعلو الحياء وجهه ..لايتكلم بطريقة رسمية ..لايوحي إلى الآخرين بأنه أفضل منهم ، أو أنه مشرفاً عليهم .. فهو لا يعيش حالة الفرد (الناقد) المتسلط أو صاحب السلطة النقدية على الآخرين ..بل نجده قليل المجادلة كثيرالأصغاء ، رحب الأستماع إلى أقل المثقفين والشعراء والأدباء شأناً ..فهو لايتعالى عليهم ..ولايجرحهم بنقده ولايحبط آمالهم أو يهزأ بنتاجاتهم وأعمالهم كما يفعل بعض النقاد المتهورين الذين أساءوا بنقدهم (الهدام ) إلى التجارب الأدبية الجديدة لبراعم الأدب وأزاهير الشعر وأكاليل التأليف ..فسحقوها وداسوا على نبتاتها التي لو سقيت بماء النقد (البناء) لتعالت أشجاراً وارفة مثمرة في بساتين ومروج الثقافة الزاهية أن الدكتورعلي حسين يوسف من طراز النقاد الكبار الذين يخلقون حالة الإنفتاح بأسلوبهم النقدي الخلاق..فنجده متوازن في طرحه .. طيب في كلماته ..غير عنيف أو متشدد بلغته..لايعترف بالعزلة أوالإنغلاق .., ولايحب الصمت في موقع الكلام كما هوحال أكثر النقاد في زماننا هذا ، وأكثر مايركز في نقده على أهمية تجسير الحوار الخلاق بين المبدع والمتلقي ومّد جسور التواصل بين حركة النقد وحركة الثقافة التي تصاب أحياناً بطابع الرتابة والجمود …
إن علي حسين يوسف بلاشك هو مثقف وناقد متحرر من (دكتاتورية) النقد وتبعاتها الكارثية …هذه الدكتاتورية النقدية التي خلقت أوضاعاً مأزومة للكثيرين من نقادنا ومثقفينا وبالخصوص من ركبوا موجة النقد دون دراية أو معرفة ، فأودت بهم إلى متاهات الهاوية وسببت لهم النكوص والعزلة والصمت وسببت تراجعهم حتى عن مواجهة حياتهم اليومية ، فأصبحوا شبه معزولين عن ساحة الفعل الثقافي الحقيقي..!!
أما علي حسين يوسف موسوعيٌ كبير ، ومرجعٌ تاريخي وثيق ، ومثقف من طراز فريد ، قد لملم أشتات العلوم من أطرافها بكل حنكة ودراية ، باحث عبقري في غوامض الأحداث الماضية ، ناقدٌ تاريخي لايجارى ولايبارى ، ضليع بالتاريخ وغوامضه وحوادثه ووقائعه ..أهتم بالسرد التاريخي المنهجي وعلاقة التاريخ وحركته بالجنس البشري ، أحياناً تشعر بأن التاريخ تحول عنده إلى مهنة ، حتى أصبح محترفاً بتفاصيله عالماً بخفاياه محيطاً بأسراره الخفية .. يراه البعض – ممن لايعرفونه – بأنه ناقد متمرد على التاريخ ، وهو يسبح ضد التيار ويفتعل الأزمات التي تطيح بجدارهذا التاريخ الموجود بين أيديهم ، ولكن أهل العلم والمعرفة يرون فيه ذلك التنويري الرائع والرائد المحنك الذي يأخذ بأيديهم إلى حيث مضّان الحقيقة التي غيبّتها الحوادث والوقائع والأمزجة عبر التاريخ…!!
أنه الباحث والموسوعي والمؤلف الأستاذ حسن عبيد عيسى ..الذي عرفته الأوساط الأدبية والمراكز الثقافية والمنتديات الفكرية في كربلاء والعراق والتي شهدت له بثقافته العالية ومهنيتة الراقية وأسلوبه المييز الرصين ..
حسن عبيد عيسى عرفته ناقداً فذاً ومحاضراً رائعاً ومناقشاً ممتعاً ومتداخلاً محايداً ..ولطالما سمعته وهو يتحدث عن بعض الظواهر التاريخية والوقائع االغابرة فيحللها ويفسرها على أسس علمية صارمة ويفك لنا طلاسمها وغوامضها بقصد الوصول إلى حقائق تساعد على فهمنا للماضي وربطه بالحاضر والتنبؤ بالمستقبل…
ومن أروع الصفات التي طالما أحببتها في أستاذنا الباحث حسن عبيد عيسى – وكل صفاته محبوبة- هي صفة الإلتزام الدقيق بالمواعيد والحرص على الحضور في كل أمسية أوندوة أولقاء ثقافي ، فهو يحضر إليها دون ضجر أو ملل رغم ظروف التنقل بين المدن وصعوبة الوصول إلى أماكن الندوات والأمسيات الثقافية بسبب الظروف الأمنية أو التقلبات المناخية ..ولقد رأيته ذات مرة يدخل علينا في مقر الإتحاد وقد أبتلت جميع ملابسه بشكل كامل بسبب الأمطار الغزيرة التي هطلت ذلك اليوم .. ومرة رأيته وقد غاص لنصف ساقيه في الطين بسبب الأوحال والأطيان وهو في طريقه إلى أحد المراكز الثقافية لحضور أحدى الندوات الفكرية التي تقام في أوقات محددة من كل أسبوع
هذا الحرص العالي بالحضور وهذا الإلتزام الرائع بالمواعيد واللقاءات جعلت من أستاذنا الكبير حسن عبيد عيسى محط أحترام وتقدير الجميع ، بالإضافة إلى أن حضوره ووجوده في تلك النداوت والأمسيات والحورات يعطيها قيمة معنوية عالية ويرفع حرارة الأمسية عند الحاضرين خصوصاً بعد مداخلاته المهنية الراقية وتعليقاته المحنكة التي تثير الكثير من التساؤلات والأبحاث المفيدة والنافعة لموضوع تلك الأماسي والندوات المختلفة ..إن ماقدمه الموسوعي الباحث الأستاذ حسن عبيد عيسى خلال مسيرته الباهرة من محاضرات ومداخلات نقدية وماقام به من إدارة الجلسات وتقديم الأماسي والندوات المختلفة شكلت بالنسبة إليه أداة نافعة مكنته من التواصل مع قطاع عريض من جمهور الأدب ومتلقيه في الساحة الكربلائية خصوصاً والعراقية عموماً ، لأن تلك الأعمال ساهمت وقدمت خدمة جليلة للحراك الثقافي والمعرفي في كربلاء والعراق ، وأسهمت بشكل فاعل في توصيل المعرفة الأدبية والثقافية إلى الجمهور العام (الجمهور الخارجي) الذي يعتبره – أستاذنا حسن عبيد عيسى – أنه يمثل القطب الأساسي والغاية المنشودة من كل عملية ثقافية وأدبية ونقدية وتحليلية وتربوية تقام في مراكزنا الثقافية وملتقياتنا الأدبية والفكرية ..!!
ألف تحية وتقدير للباحث الكبــــير الأستاذ حسن عبــــيد عيــــسى ..ونسأل الله العــــلي القدير أن يوفقـــــه ويحفظه ويديمه لنا أســــتاذاً ومعلماً وعلماً منيراً..



















