الموال العراقي وباكستان

توقيع 

فاتح عبد السلام 

الفساد كان موالاً صدحت به الحناجر أياماً قبل أن تنطفيء .

موال لم يعد يغني به أحد في العراق ، بحجة أن صوت المعركة يعلو ولا يُعلى عليه ، ولا ومجال لفتح ملفات التكسب غير المشروع والعمولات التي لم تنقطع يوماً . طبعاً الكلام الرسمي يقول عكس ذلك ، ويؤكد وجود لجان تلاحق الفاسدين، واعتدنا أن نسمع عجعجة ولا نرى طحيناً ، إلا ّفي المواسم الانتخابية والفصول السياسية التسقيطية . الفساد لكثرة تراكمه أسس أعمدة في العراق ، وقسم منها راسخ يقوم عليه بنيان كيانات ومؤسسات سياسية كبيرة وصغيرة ، وبات هدم تلك الأعمدة يعني حتماً انهيار مبنى العملية السياسية التي تعد خطاً أحمر.

مكافحة الفساد تعني حكماً قضائياً وادانةً سياسية على شكل نهائي. وهذا أمر لا يمكن ان يحدث في ظل المواضعات والتوافقات والصفقات السياسية الجارية في البلاد.

صحيح ان الحكم في العراق ليس أفسد حكم على الارض ، وهناك دول ذات تجارب عميقة يظهر فيها الفساد في أعلى هرم السلطة ، لكن فساد الاخرين يصيب جانباً وينجو منه جانب على العكس مما يحصل عندنا. في باكستان حكمت المحكمة العليا  بأن  نواز شريف كان غير صادق مع البرلمان والنظام القضائي، ولم يعد مؤهلاً لمنصب رئيس الوزراء. وأعلنت لجنة من خمسة قضاة قرارها بالإجماع قبل ايام ذلك، وتنحى عن السلطة ، من دون الرجوع الى مرجعيات سياسية ودينية.

وكان الفريق القضائي يحقق في صلات شريف بحسابات خارجية وممتلكات في الخارج يملكها ثلاثة من أبنائه. وقد تم الكشف عن الأصول، التي لم يُعلن عنها في بيان ثروة الأسرة، في “وثائق بنما” التي سُرّبت في إبريل/ نيسان 2016. وطالبت المحكمة شريف واسرته بتقديم ادلة على مرجعية الاموال التي تملكت فيها ابنته وابنه بيوتا في لندن ، لكن لم يستطع اجابة المحكمة في خلال ثلاثة أشهر ، فعدته المحكة كاذباً واحالت اوراقه للتحقيق في الكسب غير المشروع .

ورغم أن نواز شريف لم يُذكر اسمه في وثائق بنما، إلا أن لجنة تحقيق مشتركة شكلتها المحكمة العليا في باكستان في أبريل/ نيسان 2017 انتهت في منتصف يوليو/ تموز الجاري، أعلنت أن تحقيقاتها كشفت وثائق أشارت إلى فساد رئيس الوزراء وأسرته. باكستان بعد الاحكام القضائية ، تطالب الحكومة البريطانية ببيع ممتلكات اسرة نواز شريف واعادة اثمانها الى خزينة الدولة الباكستانية .

هناك فساد وحكم قضائي  ثم الاقصاء عن المنصب، هذه المرحلة الاولى من الحساب. ويستمر القضاء في تحصيل الاموال المسروقة بالداخل والخارج ولا تخدعه الخدع الساذجة في كتابة الاموال باسماء الابناء والبنات والزوجات  . هذا نموذج باكستاني متاح لكن هل متاح تطبيقه في العراق ، متى؟.

رئيس التحرير

لندن

 

مشاركة