السنيوريتا آن
إلى السنيوريتا آن : اه لو تعلمين كم أعاني في هذا الحي الذي أقطن فيه ، أن هذا الحي يخلو تماماً من أيُّة زهرة ، و مع ذلك يسمونَّه ” بحي الزهور أن الناس هنا تسخر كثيراً من هذا الاسم ، الأحرى أن يسموا هذا الحي بـ ” حي النفايات .
سنيوريتا آن : هل تعلمين أن في أحد الأيام توجهتُ إلى المطبخ كي أشرب القليل من الماء و إذا بي أرى النيران تندلع من خلف نافذة المطبخ ، و تنبعث روائح مقززة يكاد يغشى عليُّ منها ، أنها روائح مسرطنة ، تستعمر رئتيّ و كأنني جندي في ساحة حرب الأربعين ، شعرتُ بالذعر لوهلة ، صرختُ على أمي و أخي قلت لهما : ” هناك حريق هائل في الخارج “
سخروا مني و نظروا إليُّ و كأنني من عالم أخر .
قالت أمي 🙁 أنهم يحرقون النفايات يا عيني )
أرفقتْ جملتها هذه بضحكة ساخرة من الوضع المخزي الذي نعيشه .. اااه يا سنيوريتا آن : لو تعلمين كم أخاف عليكِ من هذا العالم الرديء ، أتمنى أن لا تتعلمي الأشياء السيئة ، كوني مثلي ، أشبهيني بقدر ما تستطيعين ، كوني قوية ، مختلفة ، و شجاعة ، لا ترضي بأن تكوني شخصاً عادياً ، و أرجوكِ كل الرجاء أن لا تجعلي الموضة هوسكِ ، و أن لا تجعليها تشظ جنونك كأنثى معتوهة تسعى إلى الكمال الذي لن يناله أحد ، في كل مرة أرى فيها من أزياؤها السيئة و ذوقها الذي لا يشبه أي ذوق ، أتأكد جيداً بأن العالم قد أصبح سوداوياً ، لا أعلم لمَ ترتد الأسود كثيراً ، فكما تعلمين بأنّي أكره هذا اللون ، الذي يرتديه الجميع في مراسيم الحزن ..
يا سنيورييتي الغالية : كوني كالفراشة ، تلألأي بألوان الربيع المبهجة ، كوني بسيطة كشعاع الشمس ، أضحكي و أبتسمي بخجل ، كوني متواضعة ككلماتي هذه ، و أحذري أن تثيركِ الفتيات اللاتي يحملن سجائرهن بين أناملهن الناعمة ، كوني ناضجة .. ناضجة جداً و كأنكِ في سن الخمسين ، أهزمي الضعف و قاومي جميع الإغراءات ، قولي لنفسكِ بأنكِ امرأة قوية حتى و أن كنتِ تكذبين و تخفين الحقيقة..
اه يا سنيوريتا : أن هذا العالم وحش كبير يرتدي قناع دمية بريئة ذات وجنتين موردتين .. فلا تنخدعي بتلك البراءة الزائفة….
تحياتي.. والدتكِ المحبة لخصلات شعركِ الذهبية
عبير سلام القيسي – بغداد