الزراعة ضرورة العصر – جاسم مراد

الزراعة ضرورة العصر – جاسم مراد

في الطريق الى اهوار الجبايش ، هناك مساحة واسعة من الاراضي الصالحة للزراعة ، تربط محافظتي المثنى بمحافظة ذي قار ، اراضي تقدر بالاف الدونمات ولم تشاهد فيها أي مؤشر لمبادرة زراعية ، لو استخدمت هذه المساحة لوحدها لشكلت عطاءاً محميا لحاجة المجتمع العراقي من الاغذية المختلفة ، واصبحت كذلك سلة الامن الغذائي ليس للعراق وحده وإنما للمنطقة العربية ، بحكم كون هذه الاراضي الشاسعة منطقة رخوة للاستثمار الزراعي والحيواني ومصانع إعادة تكرير الحليب وانتاج مختلف الالبان والاجبان وغيرها من الاغذية المختلفة .

هذه الاراضي الزراعية الشاسعة الرابطة بين المثنى والناصرية ، التي لم تستغل البتة ، هي وحدها قادرة لاستيعاب الاف العاطلين من الشباب من مختلف المحافظات العراقية ، وكذلك معالجة أزمة الفقر التي وصلت حسب التقارير الوازنة الوطنية والدولية الى 38 بالمئة من مجموع السكان البالغ عددهم اكثر من 40 مليونا حسب تقديرات وزارة النخطيط .

في الاونة الاخيرة باتت الامم المتحدة تحذر منظومات دول العالم من مسألتين اساسيتين اولهما النقص الحاصل في الغذاء وزيادة حجوم الفقر بين الشعوب بسبب قلة الزراعة وشحة المياه وعدم اكتراث الدول الغنية بحاجة الشعوب الفقيرة  ، والثانية عدم اهتمام الدول خاصة في الشرق وافريقيا الغربية باهمية الزراعة وحاجة الشعوب الماسة للأمن الغذائي ، هذا الوضع خلق قلقاً متزايداً لدى المنظمات الدولية ومنها منظمة الفاو الى اصدار العديد من البيانات للتحذير من خطورة هذا الامر .

وعلى وفق ذلك لابد من الاشارة الى إن العراق  ونتيجة الخلل في القيادة السياسة الحاكمة وانعدام التخطيط ، لم يستغل الاراضي الصالحة ولم يدخل في سياقات المكننة والتكنلوجيا الزراعــــــية ، وهذا بالـــــتأكيد قصورا واضحا واهمال لايخلو من التـــــعمد لجعل العراق البلد الغني بالاراضي الزراعية الى بلد مستورا للمواد والخضراوات على اختلاف انواعها .

نذكر في مرحلة الحصار في بداية التسعينيات والذي استمر اكثر من عشر سنوات ، كان النظام في ذلك الوقت اصدر مجموعة من القرارات الالزامية لتطوير وزيادة المنتج الزراعية ، من بين تلك القرارات أي مزارع وفلاح لم يزرع ارضه فأنه ملزم بتركها وتسليمها للانسان المنتج ، واصبح الجميع حتى من يملك ثلاثة دونمات أن يزرع ارضه ويقدم المنتوج للسايلو ويستلم مكانها سعر منتجه .

ولابد من الاعتراف إن هناك همة لدى الفلاحين والمزارعين في الزراعة ، وكانت المحاصيل الصيفية والشتوية للسنة الماضية تبشر بخير وتعطى تصورا لاهتمام المزارعين باهمية الزراعة كونها منتوج يحمي الانسان من العوز والجوع وكذلك تعطي مردودا ماليا مجزيا ، ولكن بالنسبة للسلطات المركزية وسلطات المحافظات لم تبشر بخير من حيث الاهتمام الفعلي بالزراعة وقيمتها في حماية البشرية من الهلاك ، لوكان الامر غير ذلك للاحظ الفلاحون والمزارعون اهتمام تلك السلطات بالبزول التي باتت على وشك الهلاك نتيجة ترسب الاطيان فيها وانسدادها من الاحراش والطــفيليات .

لقد خسر المزارعون الكثير من الاراضي الزراعية بسبب توسع السبخة في تلك الاراضي ونتيجة لقلة المياه خاصة في المناطق الوسطى والجنوبية ، بالاضافة الى فقدان النظام المائي في تلك المناطق ، إن هذا الوضع يستدعي الى مراجعة حقيقية من قبل السلطة المركزية وسلطات المحافظات ، لكي يتم النهوض بالزراعية واعطاء الامل للفلاحين باهتمام الدولة بالزراعة .

إن الأمن الغذائي صار من اولى اهتمامات الدول ، كونه هو الضمانة للحفاظ على حياة البشرية من الهلاك ، والعراق واحدا من اهم دول العالم يمتلك شطان تاريخيان هما دجلة والفرات واراضي شاسعة صالحة للزراعة لابد من استغلالهما بغية خلق قاعدة أمنة للغذاء وان يكون الامن الغذائي في اولويات السلطات تخطياً ودعماً مالياً .

الفلاحون والمزارعون نجحوا في زيادة المنتجات الزراعية من حبوب الحنطة والشعير والخضروات على اختلاف انواعها ، لكن السلطات لم تنجح في الدعم المالي وحماية المنتوج الوطني من المنتجات القادمة عير الحدود من دول الجوار مماتسبب في منافسة غير متكافئة ، منتوج اجنبي يدخل عبر مختلف الوسائل اللامشروعة وليس خاضعا للكمرك ولا الضريبة ومنتوج وطني غير مدعوم ويعتمد على جهد الفلاحين .

هذا الوضع دعا الفلاحين الى ضبط الحدود ومحاسبة المخالفين ودعم المنتوج الوطني وتفعيل المصانع مثل معمل المعجون في كربلاء ودهوك لكي يتم شراء الزائد من منجات الفلاحين لهذه المعامل وغيرها ولا يحتار المزارع بمنتوجه بعد تغطية حاجة السوق المحلي منها. إن الامن الغذائي لأي بلد ، واحدا من أهم ضرورات العصر، والعراق إذا ماوجد القيادة السياسية الحريصة على مصلحة البلاد والشعب لاصبح من أولى دول المنطقة يتمتع بتحقيق الامن الغذائي لشعبه .

مشاركة