الروائية الأمريكية مايلي ميلوي تلتقط من اليومي ما يضيء الكتابة

الروائية الأمريكية مايلي ميلوي تلتقط من اليومي ما يضيء الكتابة
ليس بمقدور الراوي صنع النهايات السعيدة
ويلينغ ديفيدسون
ترجمة بشار عبدالله
ولدت القاصة والروائية الأمريكية مايلي ميلوي في 1 كانون الثاني» يناير 1972 في هيلينا، البلدة التي ترعرعت فيها بولاية مونتانا. و تخرجت من جامعة كاليفورنيا في ايرفين وأصبحت ضمن الهيئة التدريسية الاستشارية في مادة الكتابة في تخصص الرواية، حاصلة على درجة بكالوريوس من كلية هارفارد، في العام 1994.
فازت ميلوي بجائزة أغا خان التابعة لمجلة باريس ريفيو في الرواية عن قصتها، اكوا بولفار 2001 وجائزة بين» مالامود عن مجموعتها القصصية الأولى، نصف عاشق ــ 2003 ، وفي العام 2007 اختارتها مؤسسة غرانتا وضمتها في قائمتها التي تضم أفضل 21 كاتبا وكاتبة رواية من الأمريكان الشباب.
من أبرز أعمالها نصف عاشق قصص ــ 2002 ، كذابون وقديسون رواية ــ 2003 ، ابنة العائلة رواية ــ 2006 ، كلا الاتجاهين طريقي الوحيد الذي أريد قصص ــ 2009 ، والصيدلي رواية ــ 2011 .
قصتك في عدد هذا الاسبوع، زواج بالوكالة ، تتمفصل مع شكلية قانونية. من أين حصلت على معلومة الزواج مزدوج الوكالة ؟ وهل عرفت على الفور أن هذا الموضوع سيكون ثيمة جيدة لقصة؟
في العام 2008، قرأ زوجي في صحيفة نيويورك تايمز قصة عن حفلات الزفاف بالوكالة في ولاية مونتانا، وترك الصحيفة لي لأقرأها. وكان الوكيلان هما ابنة المحامي التي تعيش حياة مملة في هوديي وصديقها المتزوج الذي أحضر معه طفله. أستهوتني المقالة، ولكنها جعلتني ان مونتانا ولاية غريب جدا، بسبب تساهلها في قوانين الزواج. تزوجنا في الصيف الماضي خلال رحلة نهرية مع العائلة استمرت لخمسة أيام. وقبل مغادرتنا بخمس دقائق، أخبرنا عمي بأننا قد خططنا للزواج والرحلة النهرية، وتواصلنا معه على شبكة الانترنت عبر كمبيوتري المحمول، من أجل أن يتهيأ ليرأس القداس. فاختار لقب هاي سوامي، وارتدى قبعة زواج خاصة للمشاركة في المناسبة في حفلة السمر. ولكننا وجدنا بعد ذلك أنه لم يكن هناك داع لترسيمه للمهمة. ففي ولاية مونتانا، من السهل جدا أن يعلن ثنائي عن زواجهما طالما أن العريس رجل والعروسة امرأة وفق هذه السطور . وإذا كنت تعتقد أن الشخص الذي يؤدي دورك في حفل زفافك قادر على ذلك، عندها ليفعل ويتحقق الزواج. وعلى ما يبدو أن الأمر باعث على الضحك عندما تعلم من مجلة تايمز أن الزواج هناك لا يتطلب منك شرط الحضور، ولكن الأمر كان منسجما مع ما كنت أعرف.
ثم، في الخريف الماضي، كنت في أستراليا مع آن باتشيت في جولة بحث عن كتب. وكانت قد انتهت للتو من كتابة مقالة مطولة عن الزواج، وأخبرتها عن الزواج بالوكالة. قالت لي هذا الموضوع يمكن أن يكون قصة قصيرة مذهلة . وعندما جلست لكتابة قصة قصيرة في ربيع هذا العام، بدأت بفكرة أطفال يؤدون أدوارا متكررة لوكلاء تزويج.
وبينما كنت أكتب القصة، اتصلت بوالدي، وهو محام في ولاية مونتانا، لأساله عن قانون الزواج بالوكالة، واكتشفت أنه لم يسبق له أن سمع بقانون كهذا. وعندما أجرى بحثا عنه، اكتشف أنه عندما كان في السلطة التشريعية في مونتانا، في سبعينيات القرن الماضي، كان أحد الذين رعوا تشريعا يؤسس للحالة الراهنة. ولكنه نسي ذلك مع السنوات. وعلى ما يبدو فإن أصول هذا القانون تعود إلى القوانين الإقليمية، التي ترى في ذلك الزواج عقدا، ويمكن للوكيل أي وكيل أن يمثل دور الزوج من أجل صياغة العقد. وعندما سالت والدي عن السبب الذي يجعل ولاية مونتانا تسمح بالزواج مزدوج الوكالة في وقت لا توجد ولاية أخرى تجيزه، قال لي ولم لا؟ فمن يقوم بثبيت زواج بالوكالة فلماذا لا يثبت زواج بوكالتين؟
عندما بدأتِ بكتابة هذه القصة، هل خطر لك أن تكون نهايتها سعيدة؟
كلا، لم تخطر ببالي نهاية سعيدة. بل إنني فوجئت بنهايتها السعيدة تلك، واعتقد ان تلك كانت طريقة وجيهة في كتابتها فأنت لا يمكن أن تميل يدك باي اتجاه ما لم تعرف أين هي يدك أصلا. لقد طلبت من صديق ي وهو مؤلف موسيقي أن يقرأ القصة للتحقق من وقائعي الموسيقية، وأخبرني أنه يعتقد بأن صفحتين من نهاية القصة أوحت له يا الهي. ثمة أمر فظيع سيقع. وأنا اعتقد ان من الممكن أن يتجه خط القصة بأحد الاتجاهين، كما يمكن أن يحدث في الحياة. ولكن بعد ذلك بدا أمر منطقيا، عندما يقول بطل الرواية، وليام، عن الموسيقى التي يؤلفها، أنها ستتيح للتوتر التنافر أن ينقلبا إلى شعور جميل.
ثمة شيء باعث جدا على الرضا من الطريقة التي تغطي هذه القصة على امتداد زمني طويل. هل تعتقدين أن برايدي حقا لم تكن على علم مطلقا، وطوال هذه المدة الزمنية، أن وليام كان واقعا في حبها؟
أنا شخصيا أنحاز للقصص القصيرة التي تندفع عبر الزمن. فالقصص هنا تشبه عندي الروايات لدى الناس المشغولين جدا. من هنا أعتقد أن برايدي، عند مستوى بعينه، عرفت أن وليام يحبها، لكنها تعاملت مع حبه على أنه من المسلمات التي تريدها وتعول عليها، بوصفها مسلمة متاحة دائما ولا تتطلب أي جهد من جانبها. وهي بالتالي قصة نمو تصاعدي، تدور حول إدراك الواقع الذي تحتضنه عقول الآخرين والاعتراف بها.
بدأت حياتك الفنية كاتبة قصص قصيرة، ثم انتقلت إلى الرواية، وكتبتِ مؤخرا كتابا للقراء الفتيان. هل لك ان تخبرينا كيف تحقق هذا التطور في مسيرتك؟ وماذا تكتبين الآن؟ وهل سنرى لك قصصا قصيرة أخرى في المستقبل؟
عندما كنت أكتب القصة القصيرة، لم أكن واثقة من قدرتي على كتابة الرواية. لم أعرف وقتها إن كنت قادرة على متابعة السرد لأكثر من خمس عشرة صفحة. عندما كتبت روايتي الأولى كذابون وقديسون ، بدأت بقصتين ترتبط كل منهما بالأخرى إحداهما تروى من وجهة نظر زوجة والثانية من وجهة نظر زوج. ما فعلته هو أنني قطعت نهايتي القصتين وانطلقت إلى أمام من ذينك القطعين، ومنحت الشخصيات الثانوية، فصولا أشبه بالقصص، لتحقيق تناوب بين المنظورات المختلفة. ووجدت أنني أحببت تلك التقنية، أحببت العيش في رواية طويلة الزمن، والطريقة التي يمكن التعرف من خلالها على الشخصيات. واعتمدت البناء نفسه في الرواية الثانية ابنة العائلة ، ثم نشرت مجموعة قصص قصيرة سبق لي أن كتبتها من قبل، قبل كتابتي الروايتين وأثناءهما. وكنت وقتها قد انتهيت لتوي من تلك المجموعة القصصية وعنوانها كلا الاتجاهين طريقي الوحيد الذي أريد عندما أخبرني صديقاي المخرجان مارك ليفين وجينيفر فلاكيت ان لديهما فكرة فيلم تدور أحداثه خلال الحرب الباردة، وتتحدث عن صيدلي غامض وساحر، لكنهما فكرا في وجوب أن تتحول الفكرة أولا إلى رواية، واقترحا علي كتابتها. كنت بين مشاريع، وبدا لي أن من الجيد أن أقوم بمحاولة. كتبت المسودة الأولى لرواية الصيدلي خلال ستة أسابيع، وكان ذلك غاية في السرعة عندي. لم أكن أعرف أين ستأخذني الأحداث، وانتابني شعور بأنني أخوض مغامرة حقيقية لوحدي. وبدا الأمر لي كما لو أن حجرة جديدة تنفتح في رأسي من أجل هذا العمل. ثم، مع انجازي المسودتين الثانية والثالثة، واستقريت على خيار قبول العمل الشاق وهو كتابة الرواية، وكانت محاولتي تتركز على التأكد من جعل حبكة الرواية الأشبه بلغز، حبكة منطقية. ومع وضعي اللمسات الأخيرة على رواية الصيدلي حاولت كتابة قصة قصيرة لهذه المجلة ، لكنني لم أستطع ذلك. فكل بداية أقوم بها كانت أشبه برواية للفتيان البالغين. واعتقدت انه من المرجح أن أفشل في كتابة أي رواية قصيرة بعد الآن كان الأمر كما لو أنني أتدرب على سباق ماراثون ولككني عند تلك النقطة لم أتمكن من العدو. كما لو أنني فقدت عضلاتي في كتابة القصة القصيرة بسرعة لم أنتبه لها، كان ذلك بالنسبة أمرا محيرا ومحبطا أيضا.
ثم كتبت تتمة لرواية الصيدلي ، وعندما انتهيت، قررت أن أتأكد ما اذا كنت فعلا قد فقدت القدرة نهائيا على كتابة قصة قصيرة. وكما تبين لي، ان قصة زواج بالوكالة كانت متعة كتابية خالصة. تقول فلانري أوكونور ان كتابة قصة قصيرة بعد كتابة رواية أشبه بقضاء إجازة في الجبال. عندما يسير الأمر على ما يرام، علي أن أعترف بأنها كانت على حق في هذا القول. القصص القصيرة سباق المائة ياردة من الذي يحب المشي البطيء في ماراثون؟ حتى الآن، مكنني ذلك السير البطيء من كتابة المزيد من القصص. وسأرى لاحقا كيف ستسير الأمور.
المصدر مجلة نيويوركر
/6/2012 Issue 4221 – Date 9 Azzaman International Newspape
جريدة الزمان الدولية العدد 4221 التاريخ 9»6»2012
AZP09

مشاركة