الذات البشرية سلوك اجتماعي وانتماء أخلاقي – إياد العناز

إياد العناز

الذات البشرية تبحث عن قيمتها ووجودها في المجتمع ومدى علاقتها مع أفراده وكيفية الفهم المشترك لما تشعر به النفس وما تحس به الروح، وكيفية التفاعل الإنساني مع المتغيرات والطبائع البشرية.
الإنسان بطبيعته يعشق الحياة ويسعى للبحث عن مقومات السعادة وتحقيق ذاته عبر العديد من الوسائل والأدوات المتاحة التي تحقق له وجوده وأهدافه، والإنسان هنا لا ينقطع عن مجتمعه بل يبحث عن ذاته والقواسم المشتركة التي تجمع بينه وبين أقرانه.
ولا تظهر قوة الإنسان وتزدهر فعاليتها إلا حين يدرك أن قيمته نابعة من إمكانياته الداخلية وليست من الأفكار والاراء المستعارة أو المنطلقة من الفضاء الخارجي والبعيدة عن قيمه ومبادئه ومدى تمسكه بسلوكه الاجتماعي الرصين.
النفس البشرية عندما تعود لذاتها تقف شامخة متمكنة مبتعدة عن صغائر الأمور وضعاف النفوس، تهتم بطاقتها ونشاطها ودورها الفكري والإنساني الذي يصاحب حركة الحياة وتقدم المجتمع، وتكون مسارات العمر قوية صلبة لا تنكسر أمام قوة وعظمة الذات الإنسانية عندما تكون صادقة مع نفسها واثقة من أفعالها هادئة في خطواتها، عندها يقف الجميع احترامًا لها وتقديرًا لصدقها.
ليست الذات الإنسانية قوة بشرية وإنما هي مشاعر واحاسيس مشرعة أمام الآخرين وحضور بهي يذيب حالة الضعف التي تنتاب الآخرين ويكشف هشاشة وإمكانية من يحاول النيل منها أو التجرؤ عليها.

عندما تحقق الذات الإنسانية غايتها في الإبداع والتطور وتحقيق أهدافها بحضورها المجتمعي الرصين، فإنها تفرض ارادتها واحترامها لدى المحيط الذي تتعامل معه وتنشط حوله، عندها تكون هي صاحبة القرار بوعيها وفهمها وادراكها.
أن الأثر الطيب هو انعكاس للأعمال والأفعال الحميدة والسلوك القويم مع الناس والذي تحققه ايجابيات الذات البشرية، وفيها تبقى الذاكرة المجتمعية قائمة وأمينة على صدق الأفعال والنهج السليم الذي اخطتته ذات الإنسان لتصبح أثر طيب يتذكره الناس،فالثروة الحقيقية ليس بما يمتلكه الإنسان بل بما يسكن قلوب الآخرين وما يتركه في نفوس من طيب الذات وحسن المعشر.
والنفس البشرية إن لم تحسن تقويم ذاتها تبقى اسيرة أفعالها بل تنعدم عندها مسيرة العمر فتبحث عنها فلا تجدها بل تكون غائبة، رغم تنقلها في ارجاء محيط عملها وسكنها وذكريات عمرها.

من أصعب ما يمر به الفرد فقدان ذاته، فهي أثمن ما يملك، وعليه عدم التضحية بها مهما علت مغريات الحياة وشهوات النفس، إعادة تركيب الإنسان لحياته ومكانته الاجتماعية لهي المرتكز الأساسي لانسانيته واولوياته تجديد حياته،فالذي يفقد ذاته لا يمكن له أن يستعيد نفسه ولا يمكن أن يصنع ذات جديدة له، إلا بالنضج الاجتماعي والسلوك والمنهج الأخلاقي الرصين والابتعاد عن الاهواء وحب النفس،لتكون رحلة حياتية جديدة وولادة ثانية.