الإنتباه للشيرازي‮ ‬أول دورية تصدر عام‮ ‬1914 – نصوص – عبدالهادي‮ ‬البابي

الصحافة الكربلائية.. من فجر القرن العشرين إلى فسحة الحرية

الإنتباه للشيرازي أول دورية تصدر عام 1914 – نصوص – عبدالهادي البابي

تشير العديد من المصادر والمؤلفات أن الصحافة الكربلائية قد بدأت منذ فجر السنوات الأولى القرن العشرين ، وقد ذكر سلمان هادي الطعمة في كتابه (تاريخ الصحافة الكربلائية) بأن أول صحيفة سياسية صدرت في كربلاء هي (الإنتباه) وهي صحيفة سياسية صادرة عام 1914 وصاحبها لبيب الشيرازي..ثم صحيفة الحقائق وكذلك صحيفة الإتفاق وهي جريدة عربية أنشأها الحاج مرزا علي الحائري وبرز عددها الأول في 7  نيسان 1916  وكذلك جريدة الغروب لصاحبها الأستاذ عباس علوان الصالح وصدر عددها الأول في 24 تموز سنة 1935 وفي سنة 1938 صدر العدد الأول من جريدة (الأسبوع) … ثم تأتي جريدة الندوة سنة  1941 التي أدارها المحامي السيد محمد مهدي الوهاب آل طعمة وساهم في تحريرها نخبة مثقفي البلد منهم الشيخ محسن أبو الحب ومشكور الأسدي ومحمد رضا مهدي وغيرهم، ثم (القدوة) التي صدر عام 1954 .

لقد  أنجبت كربلاء رهطاً كبيراً من المفكرين الذين ملأوا الدنيا بآثارهم الخوالد وسجلوا صفحات ناصعة في تأريخ العرب وسعت المدينة بنشر المعارف والعلوم وجلبت المطابع في سبيل خدمة الثقافة والأدب والصحافة  ، وفي الحديث عن رواد الصحافة في كربلاء كان الصحفي الكبير  طارق الخفاجي من أبرز روادها الأوائل ، فهو من مواليد كربلاء  1936 وعمل أول مراسل لوكالة الأنباء العراقية في كربلاء، وأول مراسل لإذاعة بغداد والتلفزيون خارج بغداد، وأول من وضع حجر الأساس لقصر الثقافة والفنون، وأول مدير لقسم النشاط المدرسي في كربلاء، أرسى  الخفاجي خلال مسيرته المهنية قواعد ومرتكزات اتاحت لزملائه وتلامذته الكثير من الفرص والتجارب المثمرة.. ويعد الخفاجي من الإعلاميين الأوائل في محافظة كربلاء، حيث أنخرط في العمل كمراسل صحفي عام  1959 في إذاعة وتلفزيون بغداد ووكالة الأنباء العراقية والعديد من الصحف والمجلات، كما شغل أدارة أعلام المحافظة لسنين عديدة وقد تخرج من بين يديه العديد من الإعلاميين الذين يشغلون المواقع الاعلامية في العراق ومحافظة كربلاء..

 ومن صحفيي كربلاء الذين تركوا بصماتهم الواضحة وآثارهم البينة على المشهد الصحفي الكربلائي عباس علوان المولود في كربلاء عام 1913  حيث أنصرف إلى الصحافة منذ سنوات شبابه الأولى ، و في سنة  1935 أصدر جريدة ( الغروب) الأسبوعية ، ثم أسس مطبعة (الشباب) ثم نقلها إلى بغداد و أبدل أسمها إلى (الأسبوع) بعد صدور 6 أعداد منها في كربلاء و أستمرت في الصدور حتى عام 1946 ..ثم أصدر جريدة سياسية (المنادي) سنة 1948 و أبدل أسمها في ما بعد ( الأنباء المصورة ) و أستمرت في الصدور حتى عام 1952  و بعد قيام ثورة 14 تموز 1958 عين في جريدة (الوقائع العراقية ) الرسمية و كانت آخر أعماله تأسيس جمعية تعاونية زراعية عام 1968 ثم تخلى عنها و أحال نفسه إلى التقاعد الصحفي سنة 1978 نشر مقالاته في الصحف العراقية كافة وله مؤلفات خطية كثيرة في الأديان و المذاهب و الطب و الإجتماع، توفي  الكاتب الصحفي الكبير عباس  الخفاجي بتاريخ 15/1/. 1994ومنهم السيد عبد الصاحب الاشيقر صحفي ومحام ولكنه لم يمارس المحاماة ولد في كربلاء 1921وتوفي سنة 1980 في الباكستان ونقل جثمانه الى كربلاء ودفن في الحديقة العائدة لوالده في حارة الاشيقر بمحلة العباسية الغربية. ومنهم رحيم خضير الكيال: صحفي مشهور له باع طويل   في مجال الصحافة ولد سنة 1906 وتوفي سنة 1976م.

ومنهم  جاسم الكلكاوي : ولد في كر بلاء  سنة 1927 ولم يكمل دراسته الإعدادية ، أسس مطبعة سنة 1957 طبع الكثير من النتاج الأدبي و الفكري لعلماء كر بلاء ، أصدر جريدة (المجتمع) سنة 1963 ثم أسس مكتبة كبيرة في بداية الخمسينات ساهمت ببعث النشاط الثقافي في مدينته،  نشر العديد من مقالاته في جريدته.

دور كبير

لقد لعبت الصحافة في كربلاء ، دوراً كبيراً في مضمار الحياة الفكرية ، وكان لها نصيب وافر ونشاط ملموس في دفع زخم الحركة الثقافية إلى التطور والتقدم والأزدهار . فليست الصحافة بحديثة العهد ، إذ أن جذورها تمتد إلى عشرات السنين المنصرمة ، ولم تكن أقل شأناً من أخواتها الصحف المحلية التي ساهمت في رفع المستوى الثقافي والفكري في سائر أنحاء المدن العراقية كبغداد والموصل والبصرة وغيرها .

 وكلنا يعلم أن كربلاء ذات أمجاد ثورية خالدة ، لها ماضيها التليد وحاضرها المشرق ، فهي بحق معين الثقافة ومنبع الحضارة نظراً لمكانتها العلمية المرموقة ولأنها محط رحال المسلمين منذ أمد طويل ،  فلا غرو إذا أنبثقت منها بين حين وآخر صحف ومجلات تعبر عن أماني أبنائها الأحرار الذين يتطلعون بشوق ورغبة إلى مستقبل وضاء ..ظ وما دمنا بصدد حديث الصحافة الكربلائية ، لابد لنا أن نستعرض تاريخ صدور هذه الصحف والمجلات وما أدته من خدمة نافعة في تطوير الحياة الادبية والعلمية والسياسية خلال الحقبة التي صدرت فيها تلك الصحف ، وأشهرها هي :

 1ـ الإتفاق : جريدة عربية أنشأها في كربلاء الحاج مرزا علي الشيرازي ، وبرز عددها الأول في 7 آذار 1916 م ..

 2ـ الغروب : وهي جريدة أسبوعية سياسية جامعة ، صاحبها ومدير شؤونها عباس علوان الصالح ، ومديرها المسؤول المحامي حسن محمد علي. صدر عددها الأول في سنة 1935 م ، وقد نشرت مختلف البحوث الإجتماعية ، وأصدرت عدداً خاصاً بالنهضة العربية ، وكانت تطبع في مطبعة الشباب بكربلاء لصاحب الجريدة نفسه . وظلت تصدر في كربلاء حتى عام 1937 م . ومن ثم غربت عن أنظار القراء . وقد ورد لها ذكر في ( الدليل العراقي ) ..

 3ـ الندوة : وفي سنة 1941 م ـ 1360 هـ تأسست في كربلاء جمعية أدبية باسم ( ندوة الشباب العربي ) وكان مديرها المسؤول المحامي السيد محمد مهدي الوهاب آل طعمة ، وساهم في تحريرها نخبة من رجالات كربلاء المثقفين أخص بالذكر منهم الشيخ محسن أبو الحب ومشكور الأسدي والمحامي حمزة بحر وغيرهم . وتوقفت عن الصدور بعد عمر قصير ، وقد نشرت بعض المقالات السياسية عن حركة رشيد عالي الكيلاني .

 4ـ الأسبوع : وهي جريدة أسبوعية أدبية جامعية أصدرها الأستاذ عباس علوان الصالح عام 1943 م ، وكانت تضم بحوثاً أدبية ممتعة وتراثاً علمياً ضخماً ثم انتقلت إلى بغداد ، حيث استأنفت صدورها هناك . ونشر صاحبها كتاباً تناول فيه المعاهدة العراقية الأنكليزية فصادرته وزارة الداخلية والغت امتياز جريدته .

 5ـ القدوة : وصدرت عام 1951 م جريدة أسبوعية أدبية جامعة باسم (القدوة ) صاحبها الأستاذ رحيم خضير الكيال ، ومديرها المسؤول المحامي حسن عبد الله . وقد ضمت صفحاتها مواداً أدبية ذات مفاهيم وقيم . وكانت منبراً لأقلام كبار الكتاب والأدباء والباحثين أمثال : حسين فهمي الخزرجي وصالح جواد الطعمة وحسن عبد الأمير وزكي الصراف ومهدي جاسم وعباس أبو الطوس ومحمد القريني وغيرهم . وكان لها تأثير كبير في تكوين الأذواق وتهذيب النفوس . وأستمرت حتى عام  1953 كما أصدرت أعداداً خاصة بالإمام الحسين ،وأخيراً أحتجبت عن الأنظار بعد أن صدر منــــها   60 عدداً .

 6ـ رسالة الشرق : مجلة أدبية شهرية صاحبها السيد صدر الدين الحكيم الشهرستاني ومديرها المسؤول المحامي حسن حيدر ، صدر عددها الأول في 20  جمادى الثانية سنة 1373 هـ وأستمرت عاماً واحداً ، ساهم في تحريرها الدكتور عبد الجواد الكليدار وعبد الرزاق الوهاب ومحمد القريني وغيرهم ، وبسبب صدور القانون العام للمطبوعات ألغي أمتيازها .

سلوك نبيل

 7ـ شعلة الأهالي : جريدة سياسية أسبوعية صاحبها ورئيس تحريرها المحامي السيد عبد الصاحب الأشيقر ، صدرت سنة 1379 هـ / 1960 م . كانت تعكس في صفحاتها إخلاص وتفاني الكربلائيين في دعم كيان هذا البلد . وقد برهنت أعدادها القليلة على سلوكها النبيل في النهج الديمقراطي السليم . أنقطعت عن الخدمة العامة بعد أن صدر منها 28 عدداً .

 8 ـ المجتمع : جريدة أدبية سياسية إجتماعية أسبوعية صاحبها الحاج جاسم الكلكاوي ومديرها المحامي جواد الظاهر صدرت في تموز سنة 1963 م وأحتجبت وعاودت الصدور سنة 1969 بادارة عبد الجبار عبد الحسين الخضر ، ثم أحتجبت أواخر سنة .1972

لقد ضمت كربلاء جمهرة من أولئك الكتاب الصحفيين الذين أزدهر هذا القرن بثمرات قرائحهم ونتاج أفكارهم، وكان الكتاب يكتبون في مطلع هذا القرن بالطريقة المرسلة التي لا تعرف التكلف ، تناولوا موضوعات مختلفة من أدب وتاريخ ودراسة وفولكلور وقضايا سياسية وإجتماعية وثقافية تميزت بحسن الأداء وسهوله التعبير والصراحة والجرأة ، وقد أدوا رسالتهم بمهارة وإخلاص ، كما  أن هناك جيلاً آخر من الكتاب الشباب ترسموا خطى الماضين ونسجوا على منوالهم وأضافوا إلى إنتاجهم تجارب أدبية جديدة أكتسبوها من العصر الحديث ومتطلباته .

 ولعل أبرز هؤلاء الكتاب الذين أنجبتهم كربلاء هم : السيد هبة الدين الحسيني ، وأحمد حامد الصراف ، وتقي المصعبي ، وعباس علوان الصالح ، ومشكور الأسدي ، وعبد الجواد الكليدار ، وعبد الرزاق الوهاب ، ومصطفى السيد سعيد آل طعمة ، والدكتور سعدون حمادي ، ومحمد حسن مصطفى الكليدار ، والدكتور محمد جواد رضا ، والدكتور صالح جواد الطعمة ، وصادق محمد رضا الطعمة ، وجاسم الكلكاوي ، وسلمان هادي الطعمة ، ويحيى النجار، وحسن عبد الأمير، ونوفل عبد المجيد امين الخفاجي واخوه الاكاديمي والصحفي ، ومحمد نور عباس ، وعبدالرزاق عبدالكريم ، وناظم السعود ، وأحمد آدم ، وجاسم عاصي ، وعلي الفتال ، وحسن النواب ، وعبدالهادي البابي ، وعلي حسين عبيد ، وغيرهم ..وبعد التغيير الذي حصل عام 2003  ظهرت فسحة الحرية والتعبير عن الرأي  بشكل غير مسبوق ، وعليه ظهرت العديد من الصحف الكربلائية ..منها جريدة كربلاء اليوم  وإعمار كربلاء وصدى كربلاء والرافد وجرائد أخرى ومجلات بعضها مستمر بالصدور وبعظها توقف بسبب فقدان التمويل ..وخلال هذه الحقبة عرف الكربلائيون للمرة الأولى في تاريخهم الحديث صحافة حرة تعددية بدون رقابة أو قيود، ..ويعتبر المواطن الكربلائي من القراء المتابعين والشغوفين الجيدين بمطالعة ومتابعة الصحف والمجلات التي تصدر في كربلاء أو تأتي من خارجها …وقد حرر الصحف والمجلات الكربلائية مجموعة رائعة من الكتاب والصحفيين الكربلائيين  وكتبوا في مجالات شتى في المقالات السياسة والأدبية  والتاريخية والفنية  والرياضة والتراثية والمسرحية والدينية  ..فكربلاء اليوم تعج كربلاء بعشرات الصحفيين اللامعين من الكتاب والإعلاميين الذين ساهموا في بناء المؤسسات الصحفية والإعلامية الكربلائية من خلال نشاطاتهم بالنشر والتأليف والمتابعة .. وبعضهم يكتب وينشر في أمهات الصحف العراقية والعربية ..