الإلكتروني يتقدم

الإلكتروني يتقدم
عوّاد ناصر
مثل أي ابتكار جديد واجه القراء الكتاب الإلكتروني eBook) بنظرات متفاوتة المغزى فهي بين مترددة ومشككة أو غير متأكدة أو مرحبة وأصحاب النظرة الأخيرة هرعوا إلى أقرب محل للإلكترونيات وابتاع كل منهم واحداً ليحمله كتباً يفضلها.
جلست على مقعد في مترو الأنفاق بلندن إلى جانب سيدة تحمل جهاز قراءة الكتب الجديد كيندل وفتحته لتمرر إصبعا بظفر ملون على الشاشة تقلب أوراقه ثم أخرجت أنا كتابي الورقي من حقيبتي لأقرأ فبللت إصبعي أقلب ورقة، فالتفتت إلى بعينين مزهوّتين كأنهما تقولان ما زال ثمة من يقرأ الكتب الورق .. رددت بتعليق خاطف موجهاً كلامي إليها أنا موضة قديمة، أليس كذلك؟ ضحكت ضحكة لها رنين وكأنها سمعت نكتة فاضحة، ولم يزد الحديث أكثر فمن غير اللائق التحدث إلى شخص يقرأ إذ يدخل الأمر في باب المقاطعة أثناء الانهماك بشأن شخصي جداً، كالنوم.
بللت إصبعي وقلبت صفحة بينما مررت هي سبابتها بظفرها الملون تقلب ورقة في كيندلها .
ما زلت متردداً في شراء كيندل أميناً لعادات قراءتي القديمة ومتعلقات الحبر والورق ورائحة الكلمات حتى تلك المطبوعة بالحروف المتكسرة لمطابع العرب العتيقة، لكن الفكرة وجيهة، فبدلاً من حمل كتاب أو كتابين في حقيبتي سيتيح لي الكيندل حمل مكتبة كاملة تتسع ألفاً وخمسمئة كتاب وهو ما يتيحه أصغر كيندل فثمة ما يتسع لخمسة آلاف كتاب
قرأت في الأخبار مؤخراً ما يأتي قامت أمازون في المملكة المتحدة بإصدار بيان ذكرت فيه أن عدد الكتب الالكترونية التي تبيعها بدأ يفوق عدد الكتب الورقية التي تباع في بريطانيا، وهذا ما قد توصلنا إليه الولايات المتحدة منذ أكثر من عام مضى. وقد استغرق الأمر أربع سنوات في الولايات المتحدة لتجاوز مبيعات الكتب المطبوعة. وتقول الشركة بأنها تبيع 114 كتاباً إلكترونياً مقابل كل 100 كتاب ورقي، وكانت قد أعلنت عن جهازها الخاص بقراءة الكتب الإلكترونية كيندل قبل عامين في المملكة المتحدة.
يأتي هذا بعد أن أعلنت أمازون عن حاسبها اللوحي كيندل فاير ، الذي زاد شعبية الكتب الإلكترونية ضمن متجر أمازون . هذا الأمر ذو أهمية كبيرة لمنتجي الكتب الالكترونية eBook)، لإن عدد مستهلكي الكتب المنتجة من قبلهم يفوق عدد مستهلكي الكتب الورقية، وهذا العدد في زيادة مستمرة، والأهم من ذلك هو وجود عدد كبير من القراء الذين اعتادوا على إنفاق أموالهم في شراء نسخ إلكترونية من الكتب بدلاً من النسخ المطبوعة، وذلك لسهولة حملها واستخدامها ضمن جهاز واحد فقط. يذكر أن شروط بيع الكتب الالكترونية يختلف عن شروط بيع الكتب الورقية.
إذن، صحت النبوءة وبدأنا بالانسحار، رويداً رويداً، نحن وكتبنا الورق، لكن ثمة مأزق واحد سيواجه أولئك المولعين بسرقة الكتب، لأنهم لن يجدوا، بعد اليوم، كتاباً للسرقة من مكتبتك الإلكترونية، وبذا لا ضرورة لأن تضع شيفرة على صفحة من كتابك الشخصي لتثبت لصديقك السارق بأن الكتاب كتابك، ولن تجد، بعد اليوم، عبارة من كتب فلان الفلاني تزين الزاوية اليسرى بأعلى الصفحة الأولى، ولن تضطر إلى تنظيف رفوف مكتبك وإزالة خيوط العنكبوت وتوظيب كتبك وووو.
إنه كيندل الذي بدأت نظرات التردد والتشكيك به تتبدد، لكن كيف سيقرأ الفقراء الذين لا يملكون حوالي خمسمئة دولار لشراء هذا الكيندل الساحر، باهظ الثمن؟
ومتى يصبح كيندل في متناول العراقيين؟
ومتى ستخصص وزارة التربية والتعليم كومبيوتر عادياً لكل تلميذ عراقي من ثروة العراق التي تسرق على مدار الساعة؟
/8/2012 Issue 4274 – Date 11 Azzaman International Newspape
جريدة الزمان الدولية العدد 4274 التاريخ 11»8»2012
AZP09

مشاركة