إنهم يكذبون يا سيدي – جليل وادي

كلام أبيض

إنهم يكذبون يا سيدي – جليل وادي

مع انك تعرف مسبقا بخسارة المعركة كسيف ورمح وصهيل خيل، وتعلم ان ضحاياها أهل بيتك وصحبك عنوان الوفاء في أحلك الأيام، الذين تشربوا بماء العقيدة ليؤمنوا بك وريثا للرسالة ، والطريق المستقيم الى الله، وتدرك تماما ان القوم قساة، ولا يتوانون عن ذبح رضيع او حرق خيمة او انتهاك ستر، كل ذلك تعرفه، ومع ذلك خضته ، وثمنه كان دمك المقدس.

وسألنا أنفسنا عندما كنا صغارا ما الذي حمل رجلا ببصيرتك وحلمك أن يقدم أهل بيته قربانا، ويتيح لأراذل القوم رفع رأسه على رمح الى حيث الفاسقين، وعرفنا كبارا ان كراسي الدنيا لا تساوي عندك عفطة عنز، فلم تأت لجاه، فأنتم الجاه كله، ألست سبط الرسول، وابن سيد البلغاء وامام المتقين، اذن لا مجال للتأويل سوى ان منازلتك الأعداء أردت بها درسا عظيما للانسانية، تتعلم منه ان الدنيا متاع، وان الخلود في زهدها، وان الحياة بلا معنى ان غاب العدل، وشاع الظلم، وكثر الفقراء، وساد الاستعباد، وان لا قيمة للوجود من دون رسالة، وبدونها ليس الانسان بأرقى من بهيمة. تريد بها معنى جديدا للانتصار، فالانتصار ليس سيفا مضرجا بدم الخصوم دائما، بل الوقوف بشموخ أمام الظلم، وان يكون للفقير ما للغني، وللضعيف أن لا يُذل من القوي، وللانسانية العيش بسلام، ولرسالة السماء أن تسود ليستقيم الاعوجاج، ولذلك جئت بعزيمة جدك لاصلاح المسار، وتحملت من أجله كل ما حدث.

ومع انك في وجداننا أبدا، لكن في يوم ذكراك تفر القلوب من أجسادها اليك، ونردد مع أنفسنا، الكل لابد يوما أن يموت، ولكن من سيكون منارا تعتنيه القلوب، وفكرة مدى الدهر راسخة في العقول، ونبضا حيا في الوجدان ، وهذا هو الخلود، وذلك ما أردت فعله للجميع خصوما وأنصارا، وجسدته سلوكا وليس كلاما، ولكن هل تعلمنا من درسك البليغ، هذا هو السؤال؟

وفي يوم ذكراك يا سيدي أشكو لك أهل الحل والعقد فينا، قليلهم صامتون  وكثيرهم كاذبون، يرفعون اسمك زورا، لا بسين السواد، وكالتماسيح يذرفون الدموع، لكنهم بقضيتك يتاجرون، وفي وضح النهار وليس في حلكة الليل يسرقون، وبذريعة الانتماء لك يشيعون الكراهية بيننا، يوظفون مصيبتك للحصول على ملذات الدنيا، فشادوا لها قصورا فارهة ، بينما وضعوا المساكين خلف الظهور، انهم يكذبون بادعاء حبك، وأمثالهم من الذين يناصبونك العداء فما زالوا هم أنفسهم، يتحينون لشيعتك الفرص، ففعلوا ما فعلوا، ولم يسلم من خناجرهم حتى المسالمين من غير المسلمين.

لم يعد الحل والعقد في بلادنا بيد الحكماء او من لهم وجدان، غدا تقدم الصفوف ميدانا منتهكا مفتوحة أبوابه للتافهين، لمن لا يستحي من تبادل اللكمات تحت قبة البرلمان، او يخجل من وصفه بالفاسد في وسائل الاعلام، او يقطر عرقا من ارتمائه في أحضان الغرباء، صار بيد من يبيع الوطن دون أن يتحرك بين ضلوعه ضمير.

حمدنا الله يا سيدي يوم تخلصنا من الطواغيت، أصحاب الأنوف المتعالية على خلق الله، الرعاع الذين معهم خشينا قول ما بدواخلنا، فنلوذ بالصمت مقهورين، وظننا ان الغد المشرق صار على الأبواب، والعدل قريبا، والرفاهية في طريقها الينا وما هي الا أيام، واذا بطواغيت ناعمة تطل من النوافذ، يرونك من الكلام أحلاه، ومن الأفعال أقبحها، لا يرون في بلادنا وطنا لهم، وشاءت الأقدار أن يتقدموا صفوفنا.

واليوم، وفي الروح انكسار وفي القلب لوعة، جئت لمحرابك أشكو لك ما فعلوه بنا، وليس في بالهم سوى الثراء وليس خدمة الناس، لقد فرقونا يا سيدي، وبلافتة الدين غرسوا الأحقاد بين الاخوان، بينما كنا طوال الدهر نأكل من ماعون واحد.

jwhj1963@yahoo.com

مشاركة