علي حسين الزرقي
التقديم والحديث عن السينما العالمية وما يجري من تفاصيل في العالم المتحضر في توقيع الدكتور فاتح عبدالسلام كان موفقًا جدًا، خاصة بعد ربطه بما يحدث لدينا من غياب الفهم لآلية عمل مهرجان دولي بالمعنى الحقيقي، والاستعداد له بعيدًا عن المصالح الشخصية ومراعاة الخواطر وغيرها.
تناول توقيع الدكتور فاتح عبدالسلام كل التفاصيل والجزئيات الصغيرة التي سكت عنها الوسط الثقافي بشكل مريب، وهي قضايا كنا نود التحدث عنها من مدينة محطمة تحاول النهوض ببناها التحتية، في وقت يُنظَّم فيها مهرجان دولي لا يخدم سوى فئة معينة، والكل يدرك ما وراء ذلك من ترويج إعلامي لا فائدة منه. شخصيات موصلية شابة ومبتدئة جدًا، لا تمتلك الخلفية الكافية من العلم والثقافة، أُوكلت إليها مهام إدارة المهرجان، بل وصل الأمر ببعضها إلى الاستهزاء والتجريح ببعض الرموز الثقافية والأدبية عندما وجهوا نقدًا حقيقيًا وبنّاءً لبعض سلبيات المهرجان، فضلًا عن غيره من الممارسات.
كذلك، أُشير إلى وجود دور سينما في فترة معينة، ثم اختفت تمامًا، فكيف لمدينة عظيمة تُعد أساس البناء الحضري في العراق ألّا يكون فيها دور سينما أو صناعة سينمائية حقيقية، ثم فجأة يُنظَّم فيها مهرجان دولي؟
وأنا ممن شهدوا هذا التناقض والاستخفاف والتجهيل في عمل وزير يحمل اسم الثقافة والسياحة والآثار، وقد انتقدت بعض السلبيات، ومنها تجاهل الفنانين في نينوى وحصر التكريم فقط بنقيبهم بعد طول عتب ومجادلات.
كما فوجئت بأحد المشرفين على المهرجان يكتب في تويتر: “ومحسن العلي منو؟” في إشارة إلى أنه موصلي، بينما الكل يعرف أنه بعيد عن الموصل ويُعد من فناني العاصمة.
وبالأمس قرأت على فيسبوك وفي طبعة العراق تمجيدًا ساذجًا، بل تلميعًا رخيصًا، لشخص الوزير، فقط لأنهم قضوا بسببه أيامًا للنزهة في أسبوع عراقي ثقافي في الدوحة، وهو حدث لا يمثل سوى خمسة بالمائة من ثقافة البلد، فيما باتت المشاركات تُجهَّز مسبقًا على عجل، بلا خطة أو منهج، في عمل عبثي يهدد مصير الثقافة العراقية التي باتت في أيدي من لا يعرف تطويرها أو صيانتها. وغير ذلك الكثير… فكيف لنا أن ننهض كما تفعل بقية البلدان إذا استمرت هذه العقول في تقديم مصلحتها الشخصية على مصلحة مدينة عظيمة وبلد أعظم؟