أنا وأنت والغياب – نص شعري – عبد الوهاب إسماعيل
أنا وأنتِ الآنَ
في رائحةِ الترابْ ..
أنا وأنتِ والصّدى
والجبلُ المُهابْ..
ضِعنا معاً ….
وماتَ كلُّ عاشقٍ
في غربةِ السهولِ والهِضابْ ..
……..
هذا المدى ..
كما الحريقِ كالدموعْ ..
أقفرَ من كلِّ ندىً
وأعطَبَ الضلوعْ ..
…………
حتى الوهادُ أقفرَتْ …
تموتُ في غُربَتِها
وغُربَةِ الرّبوعْ ..
……………
حتى البلادُ والنِّجادُ والعِبادْ ..
……….
حتى غِواياتُ المرايا
أعْسَرَتْ
تموتُ في صُبّارةِ العُتْمةِ
أو ذُبالَةِ الرَّمادْ …
حتى الجموعُ والشّموعْ ..
تموتُ في الحرِّ وفي القَرِّ
فلا تنتظريها أبداً
ونَشِّري القُلوعْ ..
……………..
أنا وأنتِ والظُّنونْ …
نُبحِرُ في فاتحةِ الجُرحِ
وفي خاتمةِ الملحِ
وإيقاعِ الدّمِ الحَرونْ ..
نُبْحِرُ في تناغُمِ الغُربة
والغُرابْ ….
كالموتِ في اغترابِهِ الملعونْ ..
أين حروفُ الجرِّ
في الجرِّ إذنْ ؟ …..
مَنْ يُعْرِبُ الكسرَةَ أو يُجبِرُها
مَنْ يَدفنُ الأعرابْ ؟..
قولي
لهذا القلقِ المجنونْ ؟..
لواحدٍ مثلي أنا …
لكائنٍ مَنْ كان
مِن بقيّةِ الأغرابْ ..
لوحشةِ الفلاةِ في رَمضائها
للطيرِ والنّسورِ
في فضائها
وللسُراةِ والرُّعاةِ
للقطاةِ
وانتظاراتِ الضِّباعِ السودِ
يومَ ازدَحَمَ السّاعونْ ..
أفي ذُرى الملحِ غداً ؟ ..
وفي انفراطِ الخوفِ
في ممالِكِ الجُرحِ ؟
وفي العتابِ تارةً
أفي مدى الخرابْ ؟..
سنعبرُ الدربَ إذنْ
ونملأُ السّرابْ ؟..
أنعبرُ الدرب إذَنْ ؟..
فالقيظُ مغلولٌ على أكتافِنا
والموتُ مشدودٌ
على معاطِسِ الترابْ ..
………..
أنا وأنتِ يا زوابِعَ الدُّخانْ ..
نسيحُ في وَقيدِنا
نَطيحُ في مداخلِ القرى دماً
في فاقعِ الألوانْ ..
تَجَعَّدَ الخريفُ
بين بائعٍ ومُشترٍ
وأثمَرَ النّزيفُ
بين ضائعٍ ومفترٍ
كانا معاً بحرقَةِ الشريانْ ..
كانا معي
وضَيَّعاني في الصّدى
في كَسْرتي وحُرقَتي
وفورةِ المزادِ في واجهةِ الدُّكانْ .. ……….
لابُدَّ من رِهانْ ..
…………..
هذا المزادُ
والدَّمُ اللّائبُ في وريدِهِ
سيلْتَظي فيه اللّظى
بصولةٍ ترفَأُ من جلودِنا
خيمتَها
وتضمَنُ الأمانْ ..
لابُدَّ من أرضٍ نقوتُ تَمْرَها
ونخلةٍ
تنخُلُ أحلامَ العصافيرِ
عسى يدفعُنا الصَّهيلُ
للأصيلِ
والمسيلُ للحريقِ والدُّخانْ …
لابُدَّ من شواخِصِ الغبارِ
في المشرقِ والمغربِ
والسودانْ ..
لنلتقي
مابين موتينِ حميمينِ
ونُدمي فوهةَ البُركانْ …



















