أنا الأعزل بلا المؤونة للغياب – نصوص – جلال حسن‮ ‬

أنا الأعزل بلا المؤونة للغياب – نصوص – جلال حسن

مهداة للفنان التشكيلي عمر مصلح

أكابر، بل أفاخر بعشقي قبل معركة الأسى

هكذا توجست، ليس لأني مرغم بالوداع، بل لأني صديق الحمائم،

وصديق الدود، ورفيق العزلة المرة، والقصيدة، والغياب

قلت: أيتها القافلة أنت رحيلي وقدري وتطلعي،

وأنت أيتها العذوبة،

احك ليّ عن يقظة الهدهد، وعن ابتهاج الورد

احك عن عزلتي هروباً من هذه الصحراء،

أحك عن تورطي بالحب رساماً في شعاب الغابة.

كان يمكن أن أكون غجرياً لا يبالِ بما يضمره الندامى

من طيش الكلام،

لأن ضفيرة الحصان من صنع أصابعي،

أنا صانع الربابة من صفيحة مرمية على الطريق، معوجة بالنسيان،

رماها الغرباء لكي تسير قوافلهم راقصة.

أنا الصحراء تحكي، أنا الصحراء تمتص وحشة الغريب من اللحن،

وأنا الغجري الذي يطرب الندامى على طيشهم في ناي قلب.

هم لا يدركون أن المغني أوغل في النوتة حد التوهج، وطار.

لمن هذا الصهيل؟

لمن هذا النشيج في وحشة الصحراء؟

ليس ليّ غير حزنٍ في وتر الربابة، وصهيل يموع من الركض،

أنا العازف منذ الخليقة، الذي ما يزال يركض ويركض،

ولم يصل الى نهايته الخاسرة.

كم تمنيت أن أرسم خط الشروع بأظافري؟

كم تمنيت أن أرسم خط النهاية؟

لكي أتوج رحلتي بفوز المغني الذي عزف أجمل الألحان

تلك مهزلة الذي رأى، وأدار وجهه صوب الغياب

تلك لطخة اللون في اللوحة

اللوحة التي لم تجد سراباً في الصحراء وصارتْ نسمة

أذن سيحيى وحيداً في تقاويم غربته

ولكن الرائي كان أكثر رحمة من الجميع

حين بكى

والغرباء في كبوتهم يكركرون.