توقيع
فاتح عبد السلام
بالرغم من الفارق بين التاريخين ، إلا انّ العالم يكاد يعيش هواجس مصيبة محتملة ستحل على رأسه ،بما يشبه الهواجس التي عاشها العالم يوم هجمات الحادي عشر من الشهر التاسع قبل خمسة عشرعاماً .
كانت العيون ترقب والعقول تتوقع والقلوب بين اكتئاب وحذر ، حتى وقعت حرب افغانستان ثم حرب العراق ، وتوالت بعد ذلك الحروب التي كان للولايات فيها ضلع هنا وضلع هناك ، حتى وصلنا الى ظهور تنظيم داعش الذي وحد العالم بكل تناقضاته ضده .
تاريخ التاسع من الشهر الحادي عشر ليس مثل كل التواريخ، وهذا الرئيس الامريكي الذي لم يجرب السياسة من قبل ، ولم يلتق الرئيس السابق أوباما طوال حياته إلا بعد فوزه بساعات، إنما هو رئيس مختلف ذلك ان ظهيره المتمثل بالكونغرس الجمهوري قوي جداً ، وسيسنده لا محالة حتى الممتعضين منه . وجود ترامب في البيت الابيض وهو يراقب دهشة العالم به وخوفهم منه هو قضية لامجال لتجاهلها .
زعماء دول كبرى لايعلمون عن الرئيس الأمريكي الجديد شيئاً، أو هكذا كانوا يوحون للناس ، وباتوا يتطلعون بلهفة للقائه ومحاولة اكتشاف هذا الكائن الرئاسي اللغز .
كأنّ الرئيس الفرنسي هولاند امس يقول انه يريد اكتشاف أمريكا مثل كولومبس ، حينما قال انه يريد ان يلتقي ترامب لاكتشاف سر الغموض والتعرف على مواقفه .
انها لحظة الصدمة التي أصابت حتى الزعماء الذين نسوا ان الولايات المتحدة دولة مؤسسات ، وان وضعها الاستراتيجي في التحالفات الكبرى لن يتغير إلا بقرار من الكونغرس وفي منعطفات تاريخية حاسمة ، وليس لمجرد مجيء رئيس متحمس تملؤه روح مستمدة من تاريخ شخصي طويل من النجاح والتألق في عالم المال والأعمال والتجارة .
أمريكا عاشت بعد تاريخ الحادي عشر من سبتمبر، خمسة عشر عاماً من اللغة السياسية الجديدة ، وتحولت لغة حرب النجوم والقنابل النووية الى لغة مطاردة تنظيمات ومليشيات من العراق حتى ليبيا.
لا أحد يعلم ما يمكن أن يحدث من حروب في السنوات الخمس عشرة التي تعقب يوم التاسع من نوفمبر الجاري. هل نقول انها حروب من باب الثقة أم التشاؤم أم القياس على ماجرى ، أم انها مجرد وساوس لا اساس لها من الصحة ؟
رئيس التحرير
fatihabdulsalam@hotmail.com
لندن