
أشياء لا تخطر على البال – عبدالزهرة خالد
عندما تخرجنا في الدراسة الجامعية عام 1974 ، والتجنيد الإلزامي ودخلنا الجيش مجبرين وكلنا نحمل مشاعر حقد وعدم إحترام لهذا القرار. وبدأ التدريب الذي نكرهه بصورة كبيرة وكان عبارة عن تكرار المسير بصورة جماعية كفصيل وفي كل يوم أربعاء من الأسبوع مسيرة تحمل في شارع كورنيش الأعظمية بدءاً من وزارة الدفاع .
وكان الضابط الصف المسؤول عن الفصيل رغم كبر سنّه يركض من الصف الأخير الى الأول بخطوات موزونة مع صيحاته كأنّها سوط الجلاد لأجل أن تتساوي اليمين باليمين والشمال بالشمال وكذا حركة اليدين في مستوى يوازي الصدر مع رفع الرأس .
الأهتمام الشديد بالتدريب على المسير الموزون أكثر من التعليم على السلاح . رغم ذلك وكنا نعيب على هذا الأسلوب في التعليم .
ومرت الأيام ولم نعلم فلسفة هذا التدريب الإجباري على نظام المسير وكيفية الإستدارة بنسق يسر الناظر،واليوم وأنا أشاهد مسيرة لمجندات صينيات عرفت من خلالها أن هذا التدريب له معاني نفسية وفيه نوع من العمل الجماعي المنسق مع الطاعة العمياء للجماعة وعدم الشذوذ من النسق السائر في طريق النصر أو العمل.
عرفت بعد هذا العمر الطويل وبعد خوض الحروب هناك ربط حقيقي بين مسيرة التحمّل وبين السير على خطى الجماعة وعندما يشذ الفرد سيكون نشازاً غير مقبول مع هذا الجمع المحافظ على أنغام وقع الأقدام كسرب الطيور المهاجرة المحلقة في السماء تجد جميع الطيور في نسق واحد حتى كادت حركة الأجنحة لهذه الطيور واحدة وإن شذ أحدهم قد يضيع أو يصيبه الهلاك.
أدركت أن رئيس العرفاء ( أبو عبد ) عندما نضحك في دواخلنا من أوامره أصبح لي رمزاً عندما عرفت السبب لماذا عندما يسير جنديان في طريق تجد نسق الخطوات متساوية بين الأثنين فاليمين تطابق اليمين وبصورة لا إرادية ، وهذه الكتلة البشرية عندما تسير بهذا المستوى طبعاً له أثر في الناظر والمنظور فعمل الجماعة طاقة كامنة وقوة جبارة لا تستطيع أن تحرفه أي إعلام أو تشوهُ التضليل .
فلنراجع مسيرة السياسيين في قيادة البلد نتيجه عدم توحيد النسق في المسير حتما سيكون هناك التشرذم والتفرقة والضعف وقابل للخروقات من أبسط حشرة بشرية تريد الأذى للعراق. تحية إجلال وأكبار للفتوى المقدسة بتدريب الشباب وللجيش الباسل والحشد الشعبي المقدس وحتما سيعطي روحية عالية لهؤلاء عندما تقودهم الوحدة الشاملة في مسيرة الحياة .
فالتدريب الجماعي له وقع نفسي عال في خلق مجتمع متكافئ يلائم الجميع لمصير واحد إما النصر أو الشهادة .
فأهلا بالتدريب الذي سيطهر القلوب من شوائب الهروب الجماعي من المسئولية .
قد أكتفي بهذا القدر رغم الموضوع كبير وعريض ذات أبعاد أنت أيها القاريء العزيز تعرف فوائد التدريب أكثر مما أعرفه.
عذراً للمهنيين أخذت للموضوع الجانب الأدبي منه فقط مع خالص التحيات



















