أساور الشمس

أساور الشمس

سنية مدوري

عَلى مَتنِ أحلامنا الفُستقيّةِ،

رُحنا نخاتلُ ظلَّ المسافاتِ، صُبْحًا،

ونرشُق بالبوحِ صمتَ البداوةِ. هذا النخيلُ…

تهادى كأفراسِ ضوءٍ على صفحة الماءِ.

أنثى من الحشرجاتِ الرّسولةِ تًمْرُ جدائله،

ومَداهُ الأصيلْ…

(2)

تأبّتْ نوارسُ رغبتِنا أن تحطّ الرّحالَ

على شاطئٍ في أقاصي الضّلوعِ.

تحلّقُ في الأفقِ ظلّتْ، برغم

ازرقاقِ المُنى، وقربِ الرّجوعِ

إلى وطنٍ غائرٍ في دمي كالفتيلْ…

(3)

أسمّيكَ نرجسةً يا المسافرُ في أرض بَغدادَ،

تُشرِعُ صوب التّخومِ مراكبكَ المورقاتِ

وترفلُ في حلّةٍ  من نبيذٍ شفيفْ…

مياهُكَ تغسِلُ أوردتي من عناء البداياتِ،

تلكَ الأليمةِ جدًّا كوحشٍ مخيفْ…

(4)

سماءٌ من الضّوء تكفي لكي نستعيدَ

 تفاصيل غبطتنا في المكانِ…

هسيسُ الشّراشف يغمر وجهَ الظّلامِ…

تُثرثر كالأقحوانةِ في شفتي نظراتُكَ،

تلك المعبَّأة بالكلامِ…

فأخمدُ بالنّار ثلج الزَمانِ…

وأُهرقُ من شبقي سلسبيلْ…

(5)

أساور للشّمس تلك الدّوائرُ

ترتسم الآن فوق خدود المياه،

وراء المراكب، تسرقُ للموج فتنتهُ

الأزليّة، تخفي كنوزا من السّحر

في قاع دجلةَ، كلَّ رحيلْ…

(6)

رحلنا وبغدادُ بعد تغنّي لنا “لا تَروحوا”

وسالت دموع الأحبّة فوق حجار النّوى

وهذا النؤاسيُّ باع الخمورَ وأعلنَ تقواهُ

واعتنقَ الشّعرَ، دينا بديلْ…

(7)

أتعرف أنَ البكاء طويلا على الذّكرياتِ

يطفّئُ نار الأسى، وأنّك أنتَ مزيج

من الدّمع والأغنياتِ.

على وَتَرِ العُمْر أنتَ القصيدةُ.

أنتَ الشّرايينُ تنزف سحرًا وماءً

وحقلا من الزّنجبيلْ…

(8)

على أرضِ بغدادَ، تلك الجميلة،

رتّلتُ أغنيَّتي في خشوعْ…

ورتّبت للشّوق غرفته في دمي

وفي القلبِ أوقدتُ كلّ الشُّموعْ…

متى سوف يأتي الحمام الشريدُ

ويأنس للشّعر، خيرَ دليلْ…