تلك الكتب
أدباء عرب بلغات أجنبية – نصوص – رزاق ابراهيم
مما كان يعاب على بعض الادباء العرب انهم كانوا يكثرون من الاسماء والمفردات الاجنبية وكانوا يستهلون كتاباتهم.
بجمل وعبارات مستلة او منقولة عن بعض الادباء الاجانب المعروفين والمشهورين، ويملأون متون هذه الكتابات باستشهادات اخرى، وكأنهم يأخذون الصحيح والافضل من هذه الاستشهادات، وكأن الادباء الاجانب يعطون من خلال هذه الاستشهادات صكوك الجودة، والمصادقة على ما هو صحيح ومنسجم مع روح العصر، ومع مطامح الاديب العربي الذي يميل الى مثل هذه الاستشهادات.
ومن الادباء العرب الذين انحازوا الى الاداب الاجنبية، وقالوا بتفوقها على الادب العربي، وارجحيتها عليه، الادباء الذين قضوا اعمارهم وجهودهم باحثين عن تأثير الاداب الاجنبية على الادب العربي، حيث اصدر بعضهم العديد من الدراسات والمؤلفات التي تعود اصلاً الى تيارات وشخصيات ثقافية وادبية اجنبية، حتى لحق ذلك بادباء عرب كبار امثال جبران خليل جبران والسياب الخ.
وهناك من يرى ان هذا التوجه ليس جديداً فقد بدأ مع البدايات الاولى للثقافة العربية، حيث ارجع المستشرقون هذه الثقافة الى جذور ومؤثرات يونانية حيث اصبح البحث عن جذور ومؤثرات اجنبية في الادب العربي ملازماً لبعض الادباء العرب على اختلاف الازمنة وسواء كان ذلك موجوداً بقوة وبأدلة واضحة، ام غير موجود وسواء كان مهيمناً ام كان ضعيفاً.
وقد قرأت مقابلة مع احد الروائيين العرب ذكر فيها ان احب كتاب قرأه هو (قوت الارض) لاندريه جيد، وان الكتاب الذي ترك بصمات عليه هو كتاب (المدينة والكلاب) وهو اول رواية للكاتب من بيروفيا ماريا فارغاس يوسا، وهي غير مترجمة الى العربية، والكتاب الذي يتمنى قراءته هو (ليلة لشبونة) لاريش ريمارك، كما اشار الى كتاب (للحياة وقت وللموت وقت) للكاتب نفسه على انه الكتاب الذي يود كتابته وحمل اسمه، وسئل عن اول كتاب اهدي اليه فأجاب انه (رحلة الصبي على الحصان الخشبي) لوليم سارويان، وان آخر كتاب قرأه هو كتاب (عن الحرب والسلام)، مقالات لهيرمان هيسه.
وان الكتاب الذي يعكف على ترجمته (إلام فرتر) لغوته، ويأمل ان يقرأ كتاب (يوسف واخوته) لتوماس مان، ولم يذكر من الكتب العربية سوى السندباد ورحلات الشاطر حسن، وكان قد قرأهما في الثامنة او العاشرة من عمره، ولعلها مصادفة ان تكون الكتب العربية مرتبطة بالطفولة، وان تكون الكتب الاجنبية ذات ارتباط بنضج الكاتب واختياره، ولكنها جاءت وكأنها مقصودة، وكأن الكاتب الذي اجرى معه المقابلة لم يقرأ غيرها من الكتب العربية ولم يدفع نفسه الى البحث عنها وتصفحها، وقراءة الافضل منها، خاصة وان الثقافة العربية غنية، وكانت تعد الاولى في عصورها الحضارية، وماتزال تتصدر بعض الجوائز العالمية، وترفد الثقافة العالمية بما هو متميز وجديد ورائع.
ومن الغريب ان تجد كاتباً يكتب بالعربية، ويصدر كتاباته بها، ويعد نفسه كاتباً عربياً وهو لا يقرأ لغيره من الكتاب والادباء العرب، وهو لا يشير الى اي كتاب عربي مهم ومتميز، فهل يكتب الادباء العرب لتسويد الصفحات او للرفوف والمخازن، وتوفير وقود لنيران الازمات والمشكلات ام ان هذا الكاتب يعد نفسه اعلى من هؤلاء الادباء، وانهم لا يستحقون الذكر؟
واذا كان هذا الكاتب مغرماً بالاجانب وهم يستحقون ذلك بما يقدمون ويبدعون، فهل استطاع ان يقرن الغرام بالابداع، وهل يقبل الادباء الاجانب ان يكون واحداً منهم، وان يدخل تاريخهم الادبي ، او ان يكون ممثلاً للثقافة العربية في هذا البلد او ذاك من البلدان الاجنبية؟ وكيف يدعي التمثيل وهو لا يتابع ويقرأ الاصدارات العربية؟



















