نيويورك‭-(‬أ‭ ‬ف‭ ‬ب‭) – ‬أدت‭ ‬جائجة‭ ‬كوفيد‭-‬19‭ ‬إلى‭ ‬انتشار‭ ‬ظاهرة‭ ‬المطابخ‭ ‬الشبح‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬وهي‭ ‬مطابخ‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬للزبائن‭ ‬أن‭ ‬يقصدوها‭ ‬لتناول‭ ‬المأكولات‭ ‬أو‭ ‬استلام‭ ‬طلبياتهم،‭ ‬إذ‭ ‬لا‭ ‬تقوم‭ ‬سوى‭ ‬بتحضير‭ ‬أطباق‭ ‬توصلها‭ ‬إليهم‭. ‬وإذا‭ ‬بحث‭ ‬أحد‭ ‬عن‭ ‬مطعم‭ “‬فايربيلي‭ ‬وينغز‭” ‬أو‭ “‬مونستر‭ ‬ماك‭” ‬في‭ ‬الأراضي‭ ‬الأميركية،‭ ‬فلن‭ ‬يرى‭ ‬يوما‭ ‬لافتة‭ ‬له‭ ‬في‭ ‬الشارع‭. ‬غير‭ ‬أن‭ ‬جوانح‭ ‬الدجاج‭ ‬أو‭ ‬أطباق‭ ‬المعكرونة‭ ‬التي‭ ‬يعدّها‭ ‬متوافرة‭ ‬بكبسة‭ ‬زرّ‭ ‬على‭ ‬الهاتف‭ ‬الذكي‭ ‬عبر‭ ‬منصّة‭ ‬لتوصيل‭ ‬البضائع‭ ‬إلى‭ ‬المنازل‭.‬فهذه‭ ‬العلامة‭ ‬التجارية،‭ ‬كما‭ ‬العشرات‭ ‬غيرها،‭ ‬أنشئت‭ ‬لغرض‭ ‬تسليم‭ ‬المنتجات‭ ‬لا‭ ‬غير‭.‬

وهي‭ ‬تحضّر‭ ‬أطباقا‭ ‬في‭ ‬مطابخ‭ ‬توصف‭ ‬بـ‭ “‬الشبح‭” ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬الزبائن‭.‬

فهذه‭ ‬الظاهرة‭ ‬التي‭ ‬تُعرف‭ ‬أيضا‭ ‬بالمطابخ‭ ‬الخفيّة‭ (“‬دارك‭ ‬كيتشن‭”) ‬والتي‭ ‬هي‭ ‬أصلا‭ ‬قيد‭ ‬الازدهار‭ ‬منذ‭ ‬سنتين‭ ‬أو‭ ‬ثلاث‭ ‬تعزّزت‭ ‬بفعل‭ ‬الوباء‭.‬

ويلفت‭ “‬نيكستبايت‭”‬،‭ ‬وهو‭ ‬أحد‭ ‬مشغلّي‭ ‬هذه‭ ‬المطابخ‭ ‬الشبح‭ ‬من‭ ‬قبيل‭ “‬فايربيلي‭ ‬وينغز‭” ‬و‭”‬مونستر‭ ‬ماك‭”‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ “‬عادات‭ ‬المستهلكين‭ ‬تغيّرت‭ ‬من‭ ‬جرّاء‭ ‬وباء‭ ‬كوفيد‭-‬19‭. ‬وقد‭ ‬خاض‭ ‬كثيرون‭ ‬غمار‭ ‬هذه‭ ‬المنصّات‭”.‬‭ ‬وكانت‭ ‬الأحوال‭ ‬مؤاتية‭ ‬لهذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬المبادرات‭ ‬مع‭ ‬إغلاق‭ ‬المطاعم‭ ‬طوال‭ ‬أشهر‭ ‬ثمّ‭ ‬فتحها‭ ‬بقيود‭ ‬وتفضيل‭ ‬البعض‭ ‬البقاء‭ ‬في‭ ‬المنزل‭ ‬وعدم‭ ‬الخروج‭ ‬لتناول‭ ‬الطعام‭. ‬وبين‭ ‬كانون‭ ‬الثاني‭/‬يناير‭ ‬وأيلول‭/‬سبتمبر،‭ ‬تلقّت‭ “‬دورداش‭”‬،‭ ‬كبرى‭ ‬منصّات‭ ‬تسليم‭ ‬الوجبات‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ (‬47‭ % ‬من‭ ‬الحصص‭ ‬في‭ ‬السوق‭)‬،‭ ‬543‭ ‬مليون‭ ‬طلبية،‭ ‬أي‭ ‬أكثر‭ ‬بثلاث‭ ‬مرّات‭ ‬من‭ ‬المجموع‭ ‬المسجّل‭ ‬العام‭ ‬الماضي‭. ‬وتشكّل‭ “‬زول‭” ‬و‭”‬سي‭ ‬3‭” ‬و‭”‬كيتشن‭ ‬يونايتد‭” ‬و‭”‬كلاود‭ ‬كيتشنز‭” (‬لمؤسس‭ “‬أوبر‭” ‬ترافيس‭ ‬كالانيك‭) ‬صلة‭ ‬وصل‭ ‬مع‭ ‬أصحاب‭ ‬مطابخ‭ ‬الطهو‭ ‬لإدارة‭ ‬الطلبيات‭ ‬تمدّهم‭ ‬بالمشورة‭ ‬لتطوير‭ ‬العلامة‭. ‬وتساعد‭ “‬نيكستبايت‭”‬المتعاونين‭ ‬معها‭ ‬على‭ ‬توفير‭ ‬خيارات‭ ‬جديدة‭.‬

وقد‭ ‬خاض‭ ‬البعض‭ ‬من‭ ‬أصحاب‭ ‬المطاعم‭ ‬التقليدية‭ ‬غمار‭ ‬هذا‭ ‬المجال،‭ ‬تحت‭ ‬ماركتهم‭ ‬الخاصة‭ ‬أو‭ ‬قدّموا‭ ‬في‭ ‬سياقه‭ ‬عروضا‭ ‬جديدة‭.‬

وتقول‭ ‬كريستن‭ ‬بارنت‭ ‬المسؤولة‭ ‬في‭ “‬زول‭” ‬التي‭ ‬تدير‭ ‬منشأة‭ ‬في‭ ‬حيّ‭ ‬سوهو‭ ‬في‭ ‬نيويورك‭ ‬تمتدّ‭ ‬على‭ ‬500‭ ‬متر‭ ‬مربع‭ ‬وتضمّ‭ ‬تسعة‭ “‬مطابخ‭” ‬مختلفة‭ ‬إن‭ ‬‭”‬الجميع‭ ‬يحاول‭ ‬إيجاد‭ ‬حلول‭ ‬للضغوط‭ ‬الناجمة‭ ‬عن‭ ‬تضييق‭ ‬الهامش‭” ‬الربحي‭.‬

وبالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬المدير‭ ‬العام‭ ‬لسلسلة‭ ‬الوجبات‭ ‬السريعة‭ “‬ماسل‭ ‬مايكر‭ ‬غريل‭” ‬مايكل‭ ‬روبر،‭ ‬يتطلّب‭ ‬فتح‭ “‬مطبخ‭ ‬خفيّ‭” ‬استثمارا‭ ‬بقيمة‭ ‬75‭ ‬ألف‭ ‬دولار،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬يتراوح‭ ‬المبلغ‭ ‬المطلوب‭ ‬لمطعم‭ ‬تقليدي‭ “‬ما‭ ‬بين‭ ‬350‭ ‬ألفا‭ ‬و500‭ ‬ألف‭ ‬دولار‭”.‬

ومع‭ ‬مطبخ‭ ‬مستأجر،‭ “‬يمكن‭ ‬الانتقال‭ ‬بسرعة‭ ‬من‭ ‬إعداد‭ ‬السلطات‭ ‬إلى‭ ‬تحضير‭ ‬البرغر‭”‬،‭ ‬بتكاليف‭ ‬بسيطة،‭ ‬على‭ ‬قوله‭.‬

وبغية‭ ‬تحسين‭ ‬هوامش‭ ‬الربح،‭ ‬يقدّم‭”‬زول‭” ‬منصّته‭ ‬الخاصة‭ ‬للطلبيات‭ ‬كبديل‭ ‬عن‭ ‬شركات‭ ‬النسليم‭ ‬العملاقة‭ ‬مثل‭ “‬دورداش‭” ‬و‭”‬أوبر‭ ‬إيتس‭” ‬التي‭ ‬تقتطع‭ ‬نسبة‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬30‭ % ‬من‭ ‬الأرباح‭.‬

‭- ” ‬القطاع‭ ‬تغيّر‭” -‬

وتستغني‭ ‬هذه‭ ‬المطابخ‭ ‬الشبح‭ ‬بطبيعة‭ ‬الحال‭ ‬عن‭ ‬طواقم‭ ‬العمل،‭ ‬من‭ ‬ندّل‭ ‬ومديرين‭ ‬وعمّال‭ ‬تنظيف‭ ‬يعملون‭ ‬في‭ ‬المطاعم‭ ‬التقليدية‭.‬

ويلفت‭ ‬آر‭. ‬جي‭. ‬هوتوفي‭ ‬المحلّل‭ ‬لدى‭ ‬مجموعة‭ “‬ايرون‭ ‬آلن‭ ‬أند‭ ‬أسوشييتس‭” ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬قطاع‭ ‬المطاعم‭ ‬تغيّر‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭ ‬مع‭ ‬الاتّجاه‭ ‬منذ‭ ‬بضع‭ ‬سنوات‭ ‬نحو‭ “‬نموذج‭ ‬أكثر‭ ‬إنتاجية‭”‬،‭ ‬ما‭ ‬يؤشّر‭ ‬إلى‭ “‬احتمال‭ ‬انكماش‭ ‬فرص‭ ‬العمل‭” ‬على‭ ‬المدى‭ ‬المتوسّط‭.‬

وقد‭ ‬حذّرت‭ ‬جمعية‭ “‬ريستورانت‭ ‬أوبورتونيتيز‭ ‬سنتر‭ ‬يونايتد‭” ‬التي‭ ‬توفّر‭ ‬الدعم‭ ‬للعاملين‭ ‬في‭ ‬المطاعم‭ ‬من‭ ‬تدهور‭ ‬ظروف‭ ‬العمل‭ ‬بسبب‭ ‬ازدهار‭ “‬المطابخ‭ ‬الخفيّة‭” ‬الأكثر‭ ‬مرونة‭ ‬من‭ ‬المطاعم‭ ‬التقليدية‭.‬

وبالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬بعض‭ ‬العاملين‭ ‬في‭ ‬المجال،‭ ‬أتاح‭ ‬هذا‭ ‬النهج‭ ‬التوفيق‭ ‬بين‭ ‬القيود‭ ‬المفروضة‭ ‬من‭ ‬جرّاء‭ ‬الأزمة‭ ‬الصحية‭ ‬وفرص‭ ‬جديدة‭.‬

وبعد‭ ‬احتواء‭ ‬انتشار‭ ‬الفيروس‭ ‬عندما‭ ‬سيصبح‭ ‬في‭ ‬وسع‭ ‬المطاعم‭ ‬اختيار‭ ‬النموذج‭ ‬الذي‭ ‬يحلو‭ ‬لها،‭ “‬لن‭ ‬يعود‭ ‬المستهلك‭ ‬إلى‭ ‬الوراء‭”‬،‭ ‬على‭ ‬قول‭ ‬مايكل‭ ‬روبر‭ ‬الذي‭ ‬يؤكّد‭ ‬أن‭ “‬الزبائن‭ ‬سيستمرّون‭ ‬في‭ ‬طلب‭ ‬الوجبات‭ ‬إلى‭ ‬المنازل‭. ‬فالقطاع‭ ‬برمّته‭ ‬قد‭ ‬تغيّر‭”.‬

مشاركة