أخذ فالها من أطفالها – صلاح الربيعي

 

 

أخذ فالها من أطفالها – صلاح الربيعي

ودعنا منذ ساعات عام 2020 المتخم بالأحداث الدراماتيكية المؤلمة سياسيا واقتصاديا وماليا وأمنيا وصحيا وكلما تجاذبنا أطراف الحديث مع المقربين والاصدقاء عن اثار تلك السنة الثقيلة على حياتهم الخاصة أوالعامة  قال أكثرهم ليتها تنتهي سريعا وتترك لنا مانستطيع به  تضميد جراحنا بعد أن فقدنا الأحبة الذين رحلوا عنا هذا العام  في أسباب مختلفة ثم نرجم ساعاتها الأخيرة بسبع جمرات كما يرجم الناس الشيطان بالحجارة عند مناسك الحج في مكة المكرمة وكتعبير عن طرد الشر ووضع حد لنحسها وشؤمها وأحزانها وبعدها نتضرع الى الرب الكريم أن يكفنا شرها ويكون العام الجديد أفضل من سابقه وماهذه الا أمنيات نرجوها ونتبادل التهاني خلالها  كل عام  بينما يتحدث القسم الاخر من الناس بطريقة متشائمة مستشهدا بالمثل الشعبي العراقي القائل أخذ فالها من اطفالها بمعنى ان الواقع الحالي في العراق ينذر بسوء الطالع من الايام القادمة  وبعضهم قال بسب أوضاع العراق المرتبكة بدأنا نميل كثيرا لمشاهدة برامج الابراج والمنجمين ونتابع بشغف مايجود به بعض العرافين من أخبار يمكن أن تبعث فينا الأمل وهم يطلون علينا عبر قنوات تسمى فضائية ومن يأسنا وشعورنا بالاحباط  أصبحنا ننتظر من هؤلاء  كشف طلاسم السنة القادمة وفك شفرة أيامها المقبلة الا أننا لم نسمع منهم الا مايرعبنا ويخيفنا من تكهناتهم وتوقعاتهم التي تتحدث عن قرب وقوع الكوارث الطبيعية من العواصف والزلازل والحرائق والفيضانات وتفشي الأوبئة المميتة بين الناس والتي ستبيد ثلثي شعوب العالم حسب قول العرافين ثم نقنع أنفسنا بالقول المعروف لقد كذب المنجمون ولو صدقوا وعند نزول الشدائد نصبر أنفسنا بالآية الكريمة (قل لن يصيبنا الا ما كتب الله لنا) واذا ماأردنا وصف وتقييم الحال في العراق فان الوقائع الجارية ترجح كفة المتشائمين بشكل كبير مع وجود الأمل والتفاؤل لدى القلة القليلة من الناس وربما بهؤلاء مازالت الحياة قائمة حتى هذه اللحظة وفي خضم تلك الاحداث التي جرت في عام عشرين عشرين  تصدرت جائحة كورونا قائمة القلق والمخاوف لدى جميع سكان الكرة الارضية الذين أخفت معالم وجوههم الكمامة بكسر حرف الكاف حتى أصبح الصديق لايعرف صديقه الذي اختفت ملامحه خلف تلك الكمامة  وضاع بسببها جمال الجميلات والأنيقات وأغلقت بسببه صالونات التجميل النسائية  والنوادي الترفيهية والمطاعم وقاعات اقامة الأفراح والحفلات ومنع جميع الفعاليات التي كانت تقام في رأس السنة الميلادية في معظم دول العالم خوفا من عدم السيطرة على الاصابات التي يمكن أن تقع بين صفوف الناس المحتفلين بسبب وباء كورونا ولهذا لاوجود لمظاهر الزينة والبهجة والفرح لاستقبال العام الجديد في معظم دول العالم وللعراق النصيب الأكبر بعدم الالتفات الى فعاليات وتحضيرات أعياد الميلاد لهذا العام  بعد أن تردى وضع البلد الصحي والمالي والاقتصادي بسبب سوء الادارة والفساد العميق الذي نخر كل المفاصل الحكومية حتى نتج عنه الاتكاء على رواتب الموظفين والمتقاعدين الضعفاء والسعي لاقتطاع نسب مختلفة من قيمة رواتبهم الشهرية  كمحاولة بائسة وظالمة غير مدروسة من قبل الحكومة  لتعديل الميزان المختل بسبب الفساد والمفسدين منذ سنوات ماضية اضافة الى أضرار وخطورة رفع قيمة الدولار أمام الدينار العراقي التي كان ضحيتها المواطن البسيط  مع انخفاض سعر برميل النفط  الذي أربك التعامل التجاري في العالم  والاسواق المحلية العراقية  وبهذا ساد الحزن والقلق بين الكثير من الشرائح الضعيفة المتضررة من تلك النكبات ولم يعد لتبادل التهاني العام الجديد نكهة أو فرحة كما في السنوات الماضية  وهكذا كانت أوشال أحداث العام عشرين ثقيلة حزينة صعبة على شعب طيب لايستحق كل هذا الجور والظلم من سلطة أقل ماتوصف به بأنها فاشلة وبامتياز وانها غير قادرة على ادارة العراق وفقا لاستحقاق شعبه  بعد أن انشغل كبار وقيادات السلطة فيه بمصالحهم الخاصة وتركوا الشعب يواجه مصيره المجهول لوحده  وهو متعلق بأمل غير واضح الملامح.

أنقرة

مشاركة