25 أيّار يوم المهندس العراقي – غزاي درع الطائي
عقول مبدعة وإمكانيات واعدة وخبرات متراكمة
كان عام 1959م حافلا بتأسيس النقابات والإتحادات العراقية، فقد تأسست في ذلك العام كل من: نقابة الصحفيين العراقيين، والإتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق، والإتحاد العام لنقابات العمال في الجمهورية العراقية، ونقابة المهندسين العراقية، ولأن مقالنا هذا معنيٌّ بيوم المهندس العراقي، فسيكون منصبا على نقابة المهندسين العراقيين، وسأتخذ من قول السير جيمس دايسون (المولود في 2 أيّار 1947) المخترع والمصمم الصناعي البريطاني الذي جاء فيه: (إذا كنت تريد أن تغير العالم فلا بد أن تبدأ بدراسة الهندسة) مدخلا، وأقول: لطالما نهضت الهندسة بمهمات جوهرية في تحقيق التقدم والتنمية على مختلف الأصعدة، وعملت بجهد خلاق من أجل حل المعضلات التي تعترض طريق الازدهار الوطني والعالمي، مع العمل على حث المهندسين بأجيالهم المتعاقبة على شق الطريق المؤدي إلى الرفاهية والتقدم العلمي والهندسي العالي ، وأُبيِّن أن نقابة المهندسين العراقية قد تأسَّست بموجب القانون 62 لعام 1959م، وكان عدد المهندسين العراقيين عند التأسيس (950) مهندسا، وجرى في 25 أيّار 1959م انعقاد أول مؤتمر نقابي هندسي تم خلاله انتخاب أول مجلس لنقابة المهندسين العراقية، وقد تألَّف ذلك المجلس من النقيب ونائبه وخمسة أعضاء فضلا عن رؤساء الأقسام: المدني والميكانيك والكهرباء والمعماري والكيمياوي، وقد قررت النقابة أن يكون يوم انعقاد المؤتمر الإنتخابي الأول لها يوما سنويا للمهندس العراقي، وهكذا فإن الخامس والعشرين من أيّار من كل عام هو يوم المهندس العراقي.
ولقد جرى تعديل قانون النقابة بموجب القانون رقم 28 لعام 1967م المعدل، فيما جرى تعديل آخر له بموجب القانون 51 لعام 1979م، وفي هذين التعديلين أضيفت إلى القانون الأصلي العديد من الفقرات والأهداف، ليكون منسجما مع متطلبات العمل الهندسي والمهني ومستجداته، وقد تمثلت مهام نقابة المهندسين العراقية بتنظيم ممارسة المهنة بهدف الإرتقاء بمستواها العلمي والمهني والعلمي، والدفاع عن مصالح الأعضاء وحقوقهم، والحفاظ على تقاليد المهنة وشرفها، ورفع المستوى العلمي والمهني للمهندسين، وتنشيط البحث العلمي ودعمه، وإصدار مجلة (المهندسون) التي تُعنى بالأمور الهندسية والنقابية والمهنية، وفضلا عن ذلك تقوم النقابة بتنظم المحاضرات وإقامة الدورات وعقد المؤتمرات الخاصة بالعلوم الهندسية، وإقامة الندوات العلمية والحلقات الدراسية وورش العمل الهندسية والثقافية، ونقابة المهندسين العراقية عضو في اتحاد المهندسين العرب، وتشارك في نشاطاته وفعالياته ولجانه.
مزاولة نشاط
إن القانون الذي تستند إليه نقابة المهنسين العراقية اليوم في ممارسة أعمالها ومزاولة نشاطاتها وفعالياتها هو القانون رقم 51 لعام 1979م، ونظرا لمرور 44 عاما على تشريعه، ولأن الحاجات المستجدة تدعو للتغيير، فقد قامت النقابة برفع مشروع لتعديل هذا القانون إلى مجلس النواب ومازال هناك ينتظر دوره في التشريع، ومن جانب آخر تم رفع قانون حماية المهندس إلى مجلس النواب وتمت قراءته القراءة الأولى، ولا جديد حوله، ومشروعا هذين القانونين مهمان لعمل النقابة والمهندسين، وهما بحاجة إلى أن يحظيا بعناية مجلس النواب لتشريعهما ووضعهما قيد التنفيذ.
وقد بلغ عدد الدورات الإنتخابية منذ تأسيس النقابة حتى اليوم (28) دورة، وكان المهندس عبدالرزاق محمد جواد مطر أول نقيب للمهندسين العراقيين( 1959ـــ 1961)م ، وقد تعاقب بعده المهندسون التالية أسماؤهم على منصب النقيب وعددهم (14) مهندسا: أديب الجادر (1961ـــ 1966)م، محمد حسن المخزومي (1966 ـــ 1967)م، سعدون عبدالعزيز القصاب (1967ـــ 1969)م، محب الدين الطائي (1969ـــ 1973)م، عفيف عيسى الرواي (1973ـــ 1981)م، عبدالستار فرمان الراوي (1981ـــ 1984)م، عدنان علي القصاب (1984ـــ 1988)م، المهندس الدكتور حارث جميل الخشالي (1988ـــ 1992)م، المهندس الدكتور عبدالستار فرمان الرواي (1992ـــ 1998)م، عبدالوهاب عبدالله الهيتي (1998ـــ 2000)م، جميل ابراهيم علي النايلة (2000ـــ 2015)م، المهندس الدكتور صبيح سلمان الغراوي (2015ـــ 2018)م، المهندسة الدكتورة أزهار حسين صالح (2018ـــ 2022)م، وذوالفقار حوشي المكصوصي (2022ـــ …).
والحديث عن اليوم السنوي للمهندس العراقي يقودنا إلى الحديث عن (اليوم العالمي للهندسة)، فقد أعلن المؤتمر العام لمنظة اليونسكو، خلال دورته الأربعين المنعقدة عام 2019 م، عن تحديد يوم الرابع من آذار يوما عالميا للهندسة من أجل التنمية المستدامة (وذلك في خطوة لإذكاء الوعي بشأن الدور الجوهريّ الذي تضطلع به الهندسة في الحياة المعاصرة، للتخفيف من وطأة تغير المناخ والنهوض بالتنمية المستدامة)، وتبيِّن اليونسكو أنها (تولي أولوية قصوى للجهود الرامية إلى إذكاء الوعي بالهندسة كمهنة، فضلاً عن الجهود التي تُبرز أهمية دراسة الشباب للعلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات).
والهندسة بما تمتلكه من عقول مبدعة وإمكانيات كبيرة وخبرات متراكمة، وتقنيات متجددة وصاعدة، ونهضات متعاقبة نهضة بعد نهضة، تعمل على الأخذ بيد العالم إلى الرفاهية والتقدم والازدهار والنهوض العلمي والهندسي والإقتصادي، سعيا نحو عالم مليء بالإبداع الراقي والتنوير الفاعل والتقدم المتسارع بخطى حثيثة، وصولا إلى عالم رحب يتسع لكل خلق جديد ويتألق بالتمكن من تحقيق التقنيات المستجدة بوتائر متصاعدة ومتسارعة، تلبية للاحتياجات الإنسانية الأساسية (في مجالات الغذاء والصحة والسكن والطرق والمواصلات والمياه والطاقة وإدارة موارد كوكب الأرض)، والمهندس العراقي معنيٌّ بهذا الكلام من أوله إلى آخره، وهو معروف بإبداعاته الهندسية الراقية على مختلف الصُّعد، وله سمعته العالية في إطار العلوم الهندسية المختلفة، وطنيا وعالميا، ويحفظ العالم أسماء مهندسين عراقيين عباقرة قدموا خدمة راقية للعالم بجهودهم الهندسية المتقدمة والتي هي محل تقدير العالم وإعجابه.
مهمات كبيرة
وفي يوم المهندس العراقي، نشير إلى مهمات جديرة بالملاحظة والملاحقة أفرزتها الأوضاع العامة في العراق، ومن أهمها: الإنتباه إلى مستوى الدراسات الهندسية في الجامعات الحكومية والأهلية على حد سواء، حفاظا على المستوى العلمي والتدريبي للمتخرجين الجدد، وإلى تعزيز التدريب العملي والميداني لهم فبدونهما لا يمكن خلق المهندس الكفء الفاعل والقادر على الإبداع في سوق العمل، هذا من جانب ومن جانب آخر توفير الوظائف الهندسية في المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص، والحفاظ على (المخصصات الهندسية) في سلَّم الرواتب الجديد المقترح.
تحية مباركة طيبة للمهندس العراقي في يومه الأغر، مع الإجلال والإكبار الذي يستحقه عن جدارة، مع باقات الورد تقديرا واعتزازا، وتحية لنقابة المهندسين العراقية في عيد المهندس العراقي، وكل عام والعراق الحبيب ومهندسوه المبدعون البارعون والمثابرون بألف خير.