حوار بغداد يطل بعد التسوية

 حوار بغداد يطل بعد التسوية

سامي الزبيدي

كل يوم يطلع علينا السياسيون ببدعة جديدة لا تغني ولا تسمن من جوع كما يقول المثل ولا تنفع الشعب العراقي في أي شيئ ولا تحقق له أي مطلب من مطالبه التي ظل ينادي بها خلال تظاهراته واعتصاماته لأكثر من عام , الشعب أيها السياسيون يريد ديمقراطية حقيقية وحريات شخصية وعدالة اجتماعية وبطاقة تموينية تسد رمقه , يريد عدالة اجتماعية وعدالة في توزيع الوظائف على أبناء الشعب بدلا من المحسوبية والمنسوبية في توزيعها , ويريد عدالة في توزيع عائدات النفط وأموال العراق لتشمل الفقراء والمعوزين والمشردين والمحتاجين لا أن تذهب لجيوب السياسيين و السراق والمفسدين  , يريد رعاية اجتماعية حقيقية وخدمات صحية تنقذه من الأمراض التي تفتك به ,  يريد القضاء على الفقر الذي تجاوزت نسبته40    بالمئة في بلد يعد من أغنى بلدان العالم واحتواء جيوش ( المجادية) الذين ضاقت بهم شوارع المدن , يريد القضاء على البطالة التي دمرت شباب الأمة ويجاد حلول لجيوش الخريجين الجامعيين , يريد القضاء على الجهل والأمية التي استفحلت في البلاد وإنقاذ العملية التعليمية التي انهارت بسبب سوء إدارة ملف التعليم  بجميع مستوياته وإهماله من قبل الدولة , يريد وضع حد للمخدرات التي دمرت شباب البلد , يريد بناء مساكن لمن لا مأوى له بدلا من شراء العمارات والفلل والقصور الفارهة من قبل السياسيين في عواصم العالم المختلفة , يريد حل لمشاكل النازحين الذين تفتك بهم الأمراض والظروف الجوية القاهرة وتنقصهم أبسط مستلزمات الحياة وهي الغذاء والماء والدواء والسكن الذي يقيهم حر الصيف وبرد الشتاء وان يعود النازحين الذين تحررت مدنهم منذ شهور عديدة الى منازلهم وان كانت مدمرة بدلاً من بقائهم في خيم متهالكة , والشعب يريد الأمن  والأمان وتخليصه من الانفجارات التي تحصد المئات من أرواح الأبرياء شهرياً  , يريد تطبيق القانون وحصر السلاح بيد الدولة والقضاء على الميليشيات المنفلته وعمليات الخطف والسطو المسلح والاغتيالات , بريد القضاء على النزاعات العشائرية التي تهدد امن المواطنين وأمن البلد ,يريد القضاء على الفساد والرشوة وسرقة أموال الدولة والشعب ,يريد محاسبة حيتان الفساد وإحالتهم للقضاء واسترداد أموال الشعب التي نهبوها منهم , ويريد الأعمار والبناء أعمار النفوس من خلال إعادة اللحمة الوطنية والتماسك الاجتماعي وروح المواطنة والقضاء على النعرات الطائفية  والصراع السياسي و الطائفي الذي دمر البلد ومن ثم أعمار الوطن, يريد إلغاء المحاصصة الحزبية والطائفية التي دمرت البلد بعد إن سيطر الجهلة والمزورون وأنصاف المتعلمين على المناصب المهمة في الدولة و تم تهميش الكفاءات الوطنية من العلماء والأكاديميين والاختصاصيين والخبراء  ومنعوا من خدمة وطنهم وشعبهم وإنقاذه من معاناته وأزماته المتلاحقة ,ويريد الشعب العيش الكريم  ويريد  الحصول على حقوقه فهولا يستجدي من أحد ولا يطالب من حزب أو فئة إنما هي حقوقه التي كفلها الدستور والقانون والدين والأعراف لا منة من أحد  , فماذا تنفعنا تسوية يتصالح فيها السياسيون لتبقيهم مهيمنين على أمور البلاد والعباد سنين أصافية ولا تحقق للشعب أي شئ وماذا ينفعنا حوار بغداد وما هي المنجزات التي سيقدمها للشعب في هذه الظروف , إن هذه الأفعال والممارسات هي مضيعة للوقت والجهد وصرف لا مبرر له لأموال العراق في هذا الظرف العصيب الذي يمر به البلد وهو في حاجة الى أي موارد مالية إضافية لإدامة زخم معركته مع الإرهاب وتعزيز قدرات قواتنا القتالية والتسليحية لا أن تصرف عل  مؤتمرات ومبادرات ولدت ميتة ولا نفع منها , فحوار بغداد واحد من وسائل الصرف غير المبرر ومضيعة للوقت والجهد , ثم لماذا انعقد في هذا الوقت بالذات والعراق يخوض معارك ضارية لتحرير محافظاتنا ومدن أخرى لا زالت تحت سيطرة داعش ؟ والسؤال الذي يثار أيضاً في هذا الصدد الحوار مع من وما هي الغاية منه ثم لا التمثيل الخارجي لبعض الدول التي شاركت في الحوار على مستوى الأحداث التي يمر بها بلدنا والمنطقة ولا التمثيل الداخلي كذلك حيث لم تحضر  العديد من الكتل السياسية المؤثرة في الساحة السياسية العراقية هذا الحوار والمتابع لأحداث المؤتمر لم يجد أي حوار جاد يفيد البلد مجرد كلمات تعاقب على إلقائها سياسيين سابقين وحالين ومسؤولين حكوميين لا تقدم ولا تؤخر فهذا يتحدث عن الفساد الذي يضرب مؤسسات الدولة العراقية وكان الشعب هو المفسد وليس السياسيين أنفسهم من يمارس الفساد بكل إشكاله المالي والإداري والأخلاقي والثقافي وآخر يتحدث عن العلاقة مع إقليم كردستان ورئيس مجلس القضاء الأعلى الذي سلم منصبه بعد أربعة عشر عاما يتحدث عن القضاء وهكذا كلمات وخطابات مل سماعها العراقيين طوال السنين الماضية ,يقولون إن المؤتمر يناقش مرحلة ما بعد داعش وان لم ينته داعش بعد ومع ذلك نقول إن من يحدد مرحلة ما بعد داعش وكيفية استثمار الانتصارات التي حققها أبطال قواتنا المسلحة والحشد الشعبي في سوح الوغى  لتحرير محافظاتنا ومدننا من قبضة التنظيم المتطرف هم العراقيون أنفسهم  لاغيرهم نعم نحتاج الى مساعدة الآخرين في البناء وإعادة أعمار ما دمرته الحرب الشرسة طوال السنتين الماضيتين لكننا لا نحتاج  من يعلمنا كيف نوحد صفوفنا وكيف نداوي جراحنا وكيف نتطلع الى مستقبل مشرق لبلدنا  إذا كانت الأحزاب والكتل السياسية  جادة في ذلك, فكان الأولى بالقائمين على هذا الحوار استثمار الأموال التي تصرف للوفود ولدعوات السفر والإقامة والفندقة والعراق يمر بمرحلة حرجة من الناحية المالية والاقتصادية لتعزيز قدرات قواتنا لمسلحة في جبهات القتال أو على الأقل صرفها للنازحين لا أن تصرف على مؤتمرات لا تقدم بل تؤخر ولا تنفع الشعب العراقي في شئ .

مشاركة