توقيع
فاتح عبد السلام
لماذا لا يعرف العراقيون عن برلمان بلدهم سوى مواسم المهاترات والسباب والضرب بقناني المياه. لماذا لا يعرفون شيئاً أكثر من الصراعات الناتجة عن فضائح حصلت أو في طريق الحصول تخص المال العام ومشاريع الدولة وقوت الناس ؟
لماذا لايشعر العراقيون بالبرلمان بوصفه مؤسسة من الممكن أن تكون لا غنى عنها في تشريعات تعيد البلد المنتهك والمتعب الى حالة من الصحة واليقظة والعافية.
لو وقفنا في الشارع وسألنا أي مواطن ، هل تحزن لو لم يكن في العراق برلمان؟ ماذا يمكن أن تكون الاجابة الصريحة بعيداً عن عيون الاحزاب المنفلقة؟
المواطن يشعر بثقل البرلمان على صدره، ولعله ينسى مصائبه من الحكومات ويركز على البرلمان باعتباره بيت الشعب الذي بناه الشعب بأصواته ومن ثم بأمواله وليس أحداً سواه .
ومن جهة أخرى يصور البرلمان مقطعاً عرضياً للشعب ذاته، ومن هنا تكون العلاقة ملتبسة وأحياناً مخجلة وربما مخزية،لأن وصف السارق لا يمكن أن ينطبق على الشعب المسروق ولكن من الممكن أن ينطبق على عتاة البرلمانيين وحواشيهم .
متى يناقش البرلمانيون علناً قوانين تهم الناس وينقلها التلفزيون من دون رتوش لكي نعرف كم هي نسبة فهم هذه المجاميع التي صدّعت رؤوسنا في شؤون الاقتصاد والزراعة والتجارة والتعليم العالي والتخصصات التي يحتاجها بلد محطم مثل العراق لينهض حتى لو بعد عشرين سنة.
هناك مَن يقول انّ اللجان المتخصصة هي التي تناقش والبرلمان يتسلم الخلاصات ويصوت عليها . وهذا كلام حق يراد به الباطل بعينه ، لأن البرلمانيين يدخلون الجلسات وأذهانهم مشغولة فقط بالصفقات السرية مالياً وابتزازياً وسياسياً ، ولا يتأبطون ملفات خبراء في دوائرهم الانتخابية ،استشاروهم وجاءوا لينقلوا وجهات نظرهم الدقيقة في شؤون تنمية البلد .
لا يرتفع صوت البرلماني إلا في مناقشة قوانين ذات طبيعة سياسية تصارعية مغرضة.
البرلمان يحتاج أن يكون مؤسسة لها أركان وسياقات عمل تمتد الى عمق المجتمع الذي من المفترض انها جاءت منه . البرلمان العراقي ليس مؤسسة بهذا المعنى.
رئيس التحرير
fatihabdulsalam@hotmail.com