توقيع
فاتح عبد السلام
المخاوف من ذئب منفرد محتمل التحرك في الولايات المتحدة أو أوروبا تحظى بنسبة عالية من الاهتمام الجدي ، بعد كل تفجير ارهابي ، وما حدث في مطار اسطنبول جعل العالم كله يزيد من محاذيره في التعامل مع الأجانب في المطارات أو الفنادق وهي أغلبيتها من الأجانب أصلاً. ما العمل إذن ، هل سيتم انتقاء رواد المطارات والفنادق مثلاً ؟
الامارات تحذر مواطنيها من ارتداء الزي الاماراتي المعروف بالكندورة تحاشياً للموقف الذي حدث لمواطن اماراتي ذهب سائحاً ففزعت منه عاملة الاستقبال بالفندق كونه يرتدي هذا الزي الشعبي المحبب لأصحابه ويتحدث في هاتفه بالعربية ، فأبلغت من دون أي دليل لديها ،الشرطة التي اعتقلته بطريقة مهينة ،وهو يحاول ان يشرح لهم انه مجرد سائح ، لكن لم يجد ذلك نفعاً فسقط مغشياً عليه من هول الصدمة.
والمشكلة الأكبر مع العقال العربي والغترة البيضاء أو اليشماغ الأحمر ، فما العمل ؟، هل ينبغي أن يجتمع العرب من أجل اصدار بيان تحذيري موحد لمواطنيهم حتى يمتنعوا عن ارتداء الأزياء التقليدية المحلية في الخارج حفاظاً على سلامتهم وأمنهم.
المشكلة ليست تخص دولة دون سواها ، هناك قناعات في أمريكا واوروبا ترسخت ازاء العرب والمسلمين بسبب مباشر من عمليات ارهابية تبنتها تنظيمات تتخذ من الاسلام عنواناً لها. ومن الصعب تغيير هذه القناعات ، من دون العمل في بلداننا على نزع فتيل التطرف وتجريم الطائفية التي تشعل التطرف وتصدره الى الخارج ضمن متعهدي الارهاب العالمي من منظمات وشخوص يتحركون في كل دول العالم تحت اغطية مختلفة لتنفيذ اجندات غامضة ،لا أحد يستطيع تفسيرها وكشف الجهات التي تقف وراءها ،لاسيما عندما يرتكت الفعل الارهابي باسم الدين شخص مجرم الاصول ولا يعرف عن الاسلام أي شيء . هنا الاشكالية المخيفة ، كيف يتم تجنيد هؤلاء ، ومَن يدفع لهم وما أماكن اصطيادهم وارسالهم في مهمات القتل القذرة ضد البشرية .؟
وفي بغداد حدث تفجير عظيم في الكرادة حيث الاحياء والأسواق و قلب مقرات الحكومة ، ماذا ينبغى أن نعمل لتفادي هذه التفجيرات التي ظل يقول المسؤولون انها تنطلق من الفلوجة. فمن اين تنطلق اليوم؟ وكم من الوقت والخبرات والعوامل المساعدة تحتاج كل سيارة مفخخة لكي يتم نقلها من مكان التجهيز الى مكان التنفيذ ؟، هذه الأسئلة لايتم حلها باجراءات أمنية ثبت انها تلاحق البريء وتترك المجرم غالباً. وانما هناك حاجة، أعلم انها مستحيلة في ظل هذا الوضع الهش، لجعل كل العراقيين يشاركون في عقد اجتماعي سلمي تكافلي يحرم ويجرّم أي عنف مهما كان نوعه ويفتح عقول الناس على عهد جديد يشعرون من خلاله ان تضحياتهم السابقة لم تذهب سدى . ولا يتحقق هذا إلا بعد أن يخلو البلد من الارهاب بأنواعه المحظورة والمشرعنة وأن يخلو كذلك من النازحين .
بصراحة مطلقة ، نحتاج الى خبراء سياسة وطنية وليس سياسيين تابعين لأحزاب ، والفرق بينهما شاسع وقاطع .
العرب في اوروبا أيضاً يحتاجون للتأثير اعلامياً في المجتمعات هناك لتغيير الصورة القاتمة عنهم ، وجعل العالم يتفهم ميزة ملابسهم التقليدية العربية كما يتفهم معنى ملابس الهندوس والسيخ والافارقة والآسيويين . العرب يحتاجون الى اعلام خارجي مؤثر في الآخر ، والى مراكز ثقافية واعلامية واجتماعية لاتكون بؤراً لمخابرات بلدانهم ومكان للشبهات.