100 عام من عمر الشرطة العراقية – مارد عبد الحسن الحسون

100 عام من عمر الشرطة العراقية – مارد عبد الحسن الحسون

اسئلة عن المهنية الامنية وقياس الجدوى

اذا كان قياس الاعمار مؤشراً من مؤشرات  مكونات الخبرة والاضافات النوعية والقدرة المتراكمة  ، فان مئة سنة في الحساب الزمني عمر يستحق التوقف عنده من اجل قراءة موضوعية لما تحقق في هذه المئةالزمنية من رصيد كبير  في  الانجاز والخبرة والرؤية الدقيقة  ، واذا  كانت المئة سنة على صعيد الافراد تعني الوصول الى الشيخوخة المعمرة فأن هذه المئة على صعيد الموسسات تعني العراقة والعمق وتراكم القدرات  .

في  9 كانون الثاني 2022 تكون مئة سنة قد مرت على تأسيس الشرطة العراقية ففي هذا اليوم من الشهر نفسه عام 1922تأسس هذا الجهاز الامني الوطني وكان من المنطق ان يكون هذا العمر مؤشراً على قيمة الخبرة والتطور  وان تكون  من المؤسسات المؤثرة لحماية امن المجتمع العراقي غير ان الذي  جرى عراقياً من النواحي السياسية والاجتماعية  اضرَّ في بنية هذا الجهاز ، واعتقد ان ذلك يعود الى ثلاثة اسباب توصلت اليها من اكثر من خمسين سنة منذ  اجتزت كلية الشرطة خلال النصف الثاني من عقد الستينات من القرن  الماضي حتى وصولي الى رتبة فريق في العقد الثاني من القرن الحالي  .

 السبب الاول ، الظروف الاستثنائية التي مرت بها بلادنا من تغيرات سياسية حادة انعكست سلباًعلى نموها خاصة مع متغيرات وضغوط سياسية حادة ظل الهدف الاول لها حماية النظام على حساب السياقات المطلوبة لبناء النظرية الامنية اللازمة للمجتمع العراقي   عموما.  وهكذا ايضاً تسللت عناصر للجهاز بعقليات غير مهنية لاتملك اية خبرة لمفهوم (الشرطة في خدمة الشعب)  .

السبب الثاني  ،  ان المنظومة المعرفية التي تمثلها النخب الفكرية والثقافية لم  تعطِ الى مايعين هذا الجهاز ان يكون بنظرة سليمة من قبل عموم المجتمع العراقي   لذلك كثرت الاتهامات له في المخيلة الشعبية بأقاويل وتـــصورات مؤلمة  ، كأن يقال ( الشرطي ابو الواشر)  .

السبب الثالث  ، النقص في متطلبات التدريب التي ينبغي ان تأخذ بمبدأ الشراكة بين المنظورات المهنية والحدس الامني وفي الوقت نفسه تأهيل الشرطي ثقافياً  مع وضع مناهج جديدة للدراسة في كليات الشرطة ومدارس المفوضين  .

بخلاصة وعلى وفق  هذه الاسباب الثلاثة  ، استطيع ان اقول ان جهاز الشرطة العراقية بحاجة ماسة الى مايعينه  على تجاوز المتطلبات التي مازالت تعيق عمله   ، سابقا وفي الوقت الحاضر ولذلك لابدَّ من  اعادة نظر شاملة في مجموعة المكونات التنظيمية والمهنية والاعتبارية اذا اريد له ان يلبي الطموحات الامنية المبنية على المفاهيم  الديمقراطية المدنية الخالصة  للدولة العراقية  .  للتوضيح  انا لا انكر وجود زخم ايجابي في بنية تشكيلات الشرطة  العراقية الان  ، ولا انكر ان السعة الحالية لجهاز الشرطة العراقية تؤهله ان يكون بمستوى العنوان المهني للواجبات  التي يؤديها الشرطي منتسباً او ضابطاً  ، نعم  هناك تطورات في بنية هذا الجهاز لكنها لاتلبي الطموح .  ان ماتحتاجه الشرطة العراقية بصورة مباشرة الان القضاء على ظواهر التسيب والمحسوبية والاهمال والنزعات السياسية او المناطقية ليكون الوفاء للمسؤوليات الامنية الوطنية، فكل هذه الظواهر ثغرات ينبغي اغلاقها  .  بمعنى مضاف ان تكون هناك آليات محاسبة دقيقة وحاسمة وفرض عقوبات رادعة للاخطاء التي تحصل في الجهاز  .  التأكيد على اقامة المزيد من الورش التدريبية المهنية التي تلبي   ضخ احدث الحقائق الامنية والحصول على المعلومات بالوسائل المهنية التي تصون متطلبات حقوق الانسان  ، ومن المناسب اضيف ان هناك دورات تدريبية تقام  ، لكنها مع الاسف ليست مشروطة، لا بالاختبارات النزيهة ولا بالترفيعات . من المخجل حقا ان تنتقل ظواهر اجتماعية سيئة الى جهاز الشرطة من حيث القيافة اللازمة والعلاقة بين المراتب وفق حدود انضباطية امينة على الاصول الوظيفية العسكرية  هناك تقصير واضح من النخب الاجتماعة والثقافية  العا مة في تبني مشروع وطني لتطبيق مفهوم اصدقاء الشرطة  ، ولي هنا ان اقترح على وزارة الداخلية اصدار (البوم)  سنوي يضم شخصيات من الشرطة تميزوا في خدمتهم   مع ملاحظة ان الابداعات المهنية التي تحقــــــقها الشرطة تظل حبيسة  مجال ضيق بينما الواجب يقتـــــــضي نشـــــــرها على نطاق واسع  ، هكذا يتم قياس الجدوى من خلال اشعار الضباط  والمراتب ان بينهم مبدعين في تطبيق الواجب الامني وفق ادق الضوابط المهنية المشفوعة بالموقف الانساني العام  .

مشاركة