ملحمة الوجع المستديم
ليل طويـــل خشن – نصوص – كريم عبد الله
أنا مَنْ أبصرَ الوجعَ في رحمِ أمهِ ../ حبلها السرّي كانَ مقصلةً يخنقُ الأحلامَ ../ يعشقني الخوفَ دائماً يركلُ مهدَ الفجر ……….
وسواسٌ مضطربٌ يقلقُ التشرّدَ ../ تخرجُ أقدارنا ترتديها تلكَ الأمكنةِ ../ مِنْ دفاترِ المحنةِ تتعرّقُ الأبوابَ وتندلقُ …………..
ينتشرُ كالهشيمِ فقرٌ يلبسُ رداءَ العطشِ المقهور ../ وباءٌ يركضُ في أطرافِ المدينةِ …………./ موعدنا كذبةٌ عاهرةٌ نصدّقها دوماً …………………………………..
كيفَ يكونُ الأفقَ زنزانةً تنبحُ بوجهِ الشمس ../ وهذا النواحُ الطويــــــــــــــــــــــل بلونٍ واحدٍ مطأطئةً نغماتهُ ../ والفاتحونَ يبصقونَ على جرحٍ نازفٍ لمّا يندمل ….. !
المناجلُ جاءتْ تحزُّ رقابَ الشموخ ../ السنابلُ الحُبلى بالحزنِ تتلوّى بقبضةِ غرابِ أعور ../ بينما الأفواه مكبّلة بصمتٍ سحيــــــــــق ……………
صباحٌ مشروطٌ بالنفيّ
مرّةً أخرى أحملُ أشلائي أزفّها خلفَ الحدود ../ الرصاصاتُ تعدُّ أنفاسَ الكلماتِ في السواترِ ../ والوطن خلفَ الكواليسِ تتناهبهُ مؤامرةً سريّة ………………….
في صناديقِ الأعتدةِ نحملُ أرواحنا مشوّهةً …/ يقذفنا الربّ في متاهاتِ سحيـــــــــــــــــقةٍ ../ دائماً الأتجاهاتُ خاطئة تسقطُ في نفقٍ………………………
اصواتُ البنادقِ تعلنُ الهزيمةَ ../ المدافعُ تتدافعُ متغنّيةً برمادِ الأجساد …/ والقطاراتُ تحملُ خيباتنا للشوارعِ المسافرة….
رسائلنا للحبيباتِ تحملها توابيت حاسرةَ الرأس ../ يدٌ واحدةٌ تطرقُ أبوابَ الكوابيسَ ../ إنتهى النهارُ وظلَّ مؤجلاً في دفاترِ الألاعيب ………
حينَ يكونُ حتى الترابَ ممنوعاً
أطأطىءُ رأسي تحتَ سيفِ الهزيمةِ ../ ماءُ وجهي أمسحهُ على مقابضِ المنافي ../ كؤوسُ الأحلام مصلوبةً على السواقي …../ والشعارات محدودبة عالقة بينَ فُتاتِ الهزائم مركونة……………………………..
الظلامُ يقلّمُ أجنحةَ الأزقةِ المنكوبةِ بالهذيانِ …./ للزنزانةِ الممتدّةِ على وجهِ التأريخِ أريجٌ عفن ../ والعشيقات منْ وراءِ النوافذ العالية يُرسلنَ الجدائلَ ………..
الغربانُ تتوعدُ مزارعَ القمحِ بالثبور ../ مرشاتُ السماءِ عاطلة مخصيّةً ../ رمادُ الزفراتِ يُسمّدُ آذانَ الجدران ../ فمنْ يسمعُ عمودَ الدموعِ الخائفةِ …………… ؟
لِمَ الخراف يأكلها سردابٌ ممسوخٌ ../ والشمسُ في أرجوحةِ الليلِ تتأرجحُ مسبيّةَ الشموع ../ ولِمَ هذي الجموع عجافٌ بيوضها فاسدة …..؟
الهاوية عميقةٌ كالشموخ
تتطايرُالحماماتُ منْ شبابيكِ الضباب ../ جامحةٌ جماجمِ الغضبِ المخبأةِ في دساتيرِ الألم ../ الرصاصاتُ التائهة تملأُ ثقوبَ التوابيتَ المجانيّة ………….
عطشٌ يتمرّدُ على سلاسلِ الظمأِ ../ يدردمُ الصوتُ مبحوحاً فوقَ ألغامِ الصيد ../ هنااااااااااااااااااااكَ لا حبَّ إلا الرحيل في صرّةِ السفر ….
الأزقة المغطاتُ برائحةِ السعفِ المشويّ معتلةً بالوهم ../ تفطّرتْ عباءةُ ينابيعها محشوةً بالشاحناتِ الهاربة ../ حمقاءَ تمسُّ الدمّلَ خشب المعاول في جثثِ الصبح …/ وصوتي الحزينَ يرتّلُ وحشتهُ العميقة ………….
ينتفضُ صوتُ أمي بعدَ مخاضِ السبات ../ ليّناً يلوّحُ للنجومِ البعيدةِ أنْ تُخصّبَ السواحلَ المتوثّبة ../ فالليل زادَ في حلكةِ شمسِ السواحل ………
الراياتُ تُنهكُ سروجَ الخيول
مِنْ خلفِ الخراب تنهقُ السيوفُ الصدأة …/ على الجدرانِ وجهي معلّقٌ بالمساميرِ ../ والبقيةُ تأتي تباعاً مندلقةً على أرصفةِ الشتاء
على مذبحِ الفتنةِ هناكَ مَنْ يحزُّ رأس الحاظرَ ../ البرقُ فتحَ أبوابَ الجحيمِ المنسيّةِ ../ نازحاً مِنْ أعالي الروحِ أحملُ المراثي فوقَ صليبي ……..
تتخثرُ الأفكارُ بسمومِ دخانِ المذابحِ ../ تتهاوى مدنُ العشقِ تتوارى في بُرَكِ الفجيعةِ ../ رأسُ تمّوزَ هَرِمٌ متناثرٌ بأحضاني ../ أجرجرُ أجنحتي المهشّمةِ في المساجدِ محترقاً ../ تنتحرُ الأنهارُ يطاردني وَهَمٌ مشوّه … / ……………………….
متسولونَ يحملوتَ الكراهيةَ ملفوفةً بأعقابِ السجائرِ ../ يمضغونَ خشخاشَ العظامِ المثقوبةِ كاللافتاتِ ../ خرافاتٌ داكنةٌ تطاردُ النجومَ برشاشاتٍ ناصعةِ …………..
الرسائلُ تحملها سيوفاً معلّقةً في جنائنِ الرقاب ../ تتربصُ تقاسمني سيارةً حمقاءَ ترابَ الأرصفةِ …/ صوتٌ مِنْ بعيدٍ يمزّقُ تثائبَ الأسواقِ الغافيةِ ……..
.
مرثيةُ الخرابِ المنهوب
وحدي وفانوسي ألملمُ أشلاءَ أمي في الطرقاتِ المزورةِ ../ الحَدَقاتُ يركضنَ خلفَ المسافرينَ في طريقِ اللاعـــــــــــــودةِ ../ تتفطرُ تباشيرُ الربيعِ المنهوبِ تـــــــــــــــــــتسلى بالوجــــــــــعِ المستديم ………….
التصاويرُ سقطتْ مِنْ جيوبي المثقوبةِ بالهزيمةِ ../ ماتَ حلمي متبخراً بزعيقِ دبابةٍ ../ منهوبة حتى دموعي يتوعدني ماردٌ أبله
صرتُ رهينة والصباحُ المدمّى كفني ../ مشيمتي يتكاثرُ فيها اللصوص ../ شاختْ على شواطئ لا تحيض …….
الرصاصاتُ الخاوية تضحكُ في جمجمتي ../ الأغاني تغوصُ في وحلِ الخمور ../ الأسوارُ منْ جديدٍ تعلو بلا مساند ………..
والأرغفة تحتشدُ حولَ القباب المذهّبةِ ../ بينما الأفاعي تملأُ صندوقَ الصدرِ المهشّم ../ وبينَ أنقاضِ الحروبِ أستسلمُ بهدوءٍ كــ الجسورِ المحطّمةِ …………………………..


















