ًتشرين لم يعد شهرا
دلال بشار
لا يزال جرح تلك الأيام في القلب ولا نزال نذكر ما عاشه العراق، كم عراقي فقدنا رغبة في الحصول على حياة نسمع عنها ولم نرها. تشرين ليس شهرا هو تاريخ وقصص سنرويها للأحفاد وسيكتبها العالم في الذاكرة العميقه. لن أحسب أيامه كما اعتدت لأنني سأعيشه لأعيش حبا رُسم داخل إطاره..
مرّ عام وكأنّ ما حدث كان بالأمس لا يزال عقلي يستعرض صور شبابٍ بأعمار الورد ذهبوا إلى عالم لا رجوع منه حالمين بوطن يليق به اسم العراق، تلك الدماء التي شكلت نهرا ثالثا لا يزال يجري في الروح كجريان دجله تحت العتيق.
هل ذهبت دماؤهم؟ هل عاد لنا الوطن؟ وهل نسينا جرحا لا يزال في الاعماق يبكينا؟ نحن لم ولن ننسى، لن ننسى تلك الورود التي قُطفت قبل أوانها، تلك الدماء التي غسلت أرضا لوثها الذباب لا زلت أراها وأشم عطرها، ذلك العطر الممزوج بالشجاعة وحب العراق..
تشرين لون الخريف والاوقات التي تمتزج بها حرارة الصيف ببرودة الشتاء ، لم يعد شهرا نقرأه في روزنامة السنة المعلقة على جدار المطبخ بل أصبح ثورةً نسمع عنها في نشرات الأخبار وكلمات نقرأها في الصحف.. ودعنا ما يزيد عن ال 800 شهيد كما تودع الشجرة اوراقها عند قدوم تشرين فهو كان ثورة الاوراق على الشجر وأصبح ثورة العراقيين على حياة لا تسمى حياة
تشرين أظهرت للعالم صوت شعب اغتيل منذ الولادة جعلت الأرض تعرف قصتنا وتسمع كلماتنا وتلمس دموع امهاتنا الممزوجة بحمرة الدماء والشقاء تغطيها نصف ابتسامة تمثل هذا الوطن. نولد ونحمل عراقيتنا معنا أينما ذهبنا، هذه الأرض التي ما عادت لنا لا تزال تعذبنا بحبها وجمالها المغتصب تحت راية الحرية التي لم نعشها يوما، لم يعد العراق وطنا اصبح قضية وفكرة والفكرة لا تموت.. وإن اغتيلت!
(محد يحب العراق بكدي) صفاء السراي وكلماته لا تزال في رفوف الذاكرة، أصبح حبه جزءا من هذه الأرض التي وجدت من اجل سلام لم تعثر عليه..تشرين أثبتت لي تلك المقولة (ومن الحب ما قتل) أصبحت هذه الجملة حقيقة أمامي لطالما حسبتها نوعا من الدعابة يقولوها البعض تعبيرا عن حبهم لشيء معين لم أكن أعرف أن الحب يسرق أرواحا لا تزال تحلم بالحياة وتعيش على شرفة الامل.. كم من صفاء ودعنا ولا زلنا نودع والسؤال يبقى هل سيولد من رحم هذا الحب عراقاً جديدا يحبنا؟!
تشرين نافذة الشتاء والأوقات الهادئة.. أم نافذة الثورة والتكتك الشجاع
كل تشرين والعراق قضيتنا.. ومن رحمه ولد وطنٌ روته دموع أمهاتنا