
يوم الأيام – عدنان نعمة سلمان
كان يوما لا يشبهه يوم …. يوم رقص واحتفل به كل العراقيين حتى الصباح وكان رش الماء هو الوسيلة الأكثر تعبيرا عن هذا الفرح الغامر الكبير الذي أوقف نزيف دم عراقي طاهر وأرواح شجاعة لشهداء أبرار دام ثمان سنوات سجالا ومستمرة دو أن يمر يوم واحد فيه دون دم ودون شهادة لأبطال العز والشموخ والشجاعة والوطنية العراقية من أكبر قائد لأصغر جندي كان يقطع إجازته ليلتحق بوحدته حين يسمع بيانا يعلن بأن قاطع عملياته او وحدته قد تعرض الى هجوم إيراني عدواني جديد … نزف الجيش الإيراني خلال سنوات الحرب الثمان عشرات بل مئات الآلاف من الأرواح والقتلى والجرحى في كل قواطع العمليات الممتدة على اكثر من 1250 كم هي طول الحدود المشتركة مع العراق … معتمدين فقط على الموجات البشرية الكبيرة التي كانوا يزجونها قطعانا قطعانا في كل هجوم يخططون له … يقابلهم في الجانب العراقي قادة عسكريون مهنيون يخططون لامتصاص هذه الحشود التي تحاول اختراق الحدود العراقية من خلال أي نقطة رخوة يجدونها بين القطعات العراقية وبخاصة بين حدود مسؤولية أي فيلق وفيلق عراقي … ثمان سنوات استنفذ فيها الطرفان كل قدراتهم العسكرية والاقتصادية والبشرية … هم يريدون السيطرة على العراق وحكمه حكما مباشرا رافعين شعار أن طريق تحرير فلسطين يجب ان يمر عبر بغداد وكربلاء … ونحن نرفع شعار حماية العراق وارضه وعرضه ومقدساته من أي غزو أجنبي يريد بنا الشر … ثمان سنوات كثيرا ما طلب فيها العراق وقف اطلاق النار وخاصة في الأشهر الحرم والأعياد والمناسبات الدينية المهمة ووافق على وساطة المؤتمر الاسلامي ومجموعة عدم الانحياز وجامعة الدول العربية والأمم المتحدة من اجل الجلوس الى طاولة المفاوضات وحل المشاكل بين الطرفين سلميا … لكن كل هذه المحاولات باءت بالفشل بسبب رفض النظام لايراني المتعنت لها جميعا …
بل كانو يركزون هجماتهم على العراق في الاشهر الحرم والاعياد متوقعين بأن جيش العراق سيغفل قليلا اثنائها وتضعف مقاومتهم …. 252 مذكرة وطلب وبرقية عراقية قدمها العراق لوقف اطلاق النار لم تقبل القيادة الايرانية بها … الى ان اعلن العراق في احدى المرات قرارا بوقف اطلاق النار من جانبه فقط عسى ان يقابله الايرانيون بالمثل ولكن للأسف … بل في ذلك اليوم كثف الايرانيون من قصفهم العنيف على كل المحافظات القريبة من حدودنا مع ايران وعلى كافة المواضع القتالية العراقية فكان لابد من الرد وبأقسى رد … الكثير من المواقف والصور والأحداث تمر على الخاطر الآن ونحن نستذكر يوم الثامن من آب عام 1988 الذي كان فيه التتويج الأخير للحق على الباطل وللشجاعة ضد العدوانية وللأمة ضد أعدائها فكان سفراً يفخر به كل عراقي وطني أصيل وما يزال كذلك … رغم التعتيم الإعلامي الكبير عنه اليوم في كل وسائل الإعلام معتقدين بأنهم يستطيعون أن يمحوا من تاريخ العراق صفحات مشرقات من نصر وعز وبهاء .



















