يوميات شاب سوري

يوميات شاب سوري

 كان يستيقظ كل صباح كعادته يرتدي وجهه المستعار ،يضع الجل ويفرغ قارورة العطر على قميصه

ويتدرب على ابتسامة معينة قادرة على إخفاء وجعه بعد أن فقد عائلته في يوم بائس على زورق مطاطي

كان يرتدي قميصه ويرتدي معه الصبر على مرارة الأيام بدون أم ،وأب ،وأخوة ،وأخوات

يمارس عمله بقوة وعنف وكأنه يعاقب نفسه على ما حصل  ويعود وقد أنهكه التعب

يستلقي ليرتاح فيتعبه التفكير

فيحضن وجعه وينام .

كان عليه أن يفقد الذاكرة بعد ذلك الحادث او أن يكون معهم في عداد الموتى ، فلم يكن من العدل أن يصارع ذكرياته وحده .

أستيقظ في اليوم التالي شاحب الوجه عيناه جاحظتان لم يستطع في هذا اليوم تزيين وجعه، لم يكن يقوى على تحمل هول ماحدث بألاخص أن يومها صادف ذكرى مأسآة فقدانه عائلته بأكملها

من كان يدري أنهم هربوا من موت ليواجهوا موت أشد قسوة .

كان اكثر ما يؤلمه تفكيره في أنه لا يعلم أي شاطئ يحمل جثثهم

وأنه كل ما مر ببحر أو رأى زورقاً مطاطياً أعيد شريط ذاكرته للوراء وسرد له الاحداث كامله بكل ألم.

لم ينصفه القدر في أختياره نهاية كهذه

كانت لديه أحلام تعانق السماء لكنها تلاشت بلمح  البصر

لازال صوت أُخته الصغيرة في مسمعه وهي تردد

-هل سنصل أحياء ؟أخاف البحر…

وأمه تطمئنها.

-لاتخافي صغيرتي سنصل وسأشتري لك اللعبة التي تحبين

بات يكره لعب الفتيات او الأصح يخاف رؤيتها كي لاتعبث بذاكرته بمنتهى القسوة.

كانت رحلة وجع بكل ماتحمله الكلمة من معنى .

أصبح يخاف الليل … يخاف الوحدة …يخاف ذاكرته .

كل ماغفا أيقظته مجريات الحادثة دعوات أمه …. بكاء أخوته … مناجاة أبيه لربه

وهو يتخبط ماذايفعل حضن أخوته وتلا ماحفظ من القرآن غيباً لم يكن يعلم حينها أنه يتلو تلك الآيات على أرواحهم دون أن يعلم وحضنهم الموج بعدها ونام ليستيقظ بعد غيبوبة على شاطئ أرعن حمل جثث العديد إلا أهله..

عروبة الحمد – سوريا

مشاركة