يخلق من الشبه اربعين

LOAY

اضحك للدنيا

لؤي زهرة

( جواد أخو أم عباس ) استشهدَ بالحربِ وكان عمره انذاك عشرين عاماً – رحمه الله واسكنه فسيح جناته – صورته لازالت معلقة بغرفتها وهو في ريعان الشباب .

بالأمسِ ذهبتُ مع جواد – العامل الذي يعملُ معنا في نفس الشركة – لكي نتفقد أبا عباس بعد الوعكة الصحية التي المت به . و عندما طرقت الباب أخبرتني أم عباس من وراء الباب بأن زوجها قد ذهب لتلقي العلاج الطبيعي .

فقلت لها بلهجة عراقية : ( ما عنده الا العافية , بس حبينا نطمئن عليه أني وجواد ) و ما أن سمعت أم عباس بأسم جواد حتى فتحت الباب وراحت تنظر اليهِ وتتمعن في وجههِ وهو لا يدري ما هي القصة سبب تمعنهِ به و على حين غفلة سقطتْ دمعة من عينيها وسحبتْ جواد من يده واحتضنتهُ و راحتْ تبكي بحرقة والم وادخلتنا الى البيت حيث جلسنا في حجرة الضيوف واسرعت الى صورة جواد المعلقة بغرفة نومها وأتت بها و قالت لي : أنظر ابو رقيم الى وجه الشبه بينه وبين اخي ؟ . فعلا كان الشبه كبيرا بين جواد العامل والمرحوم جواد شقيق أم عباس ، أرادت أم عباس أن تبرر فعلتها بتقبيل جواد العامل ، وضعت الصورة على جنب وراحت تحتضنه مرة أخرى وتقبله وتتحدث اليه و سألته عن صحته أن كان جائعا وبأسرع من الريح جلبت لنا الفطور و جلست الى جنبه و راحت تطعم جواد بيديها و تمسح وجهه وتقبله و أدخلت الى الحمام وراحت ْتغسل يديه و وجهه و على حين غفلة دخلَ أبو عباس ليجد أم عباس وهي خارجة من الحمام مع جواد ويديها تشبك يداه وسمعها تقول : ( حبيبي جواد محتاج فلوس ؟محتاج شي بعد؟ الله عليك ؟ ) , تسمَّر أبو عباس بمكانه والتفت الي قائلا : ( شنو الفلم ؟!)  فأنكرتُ معرفتي بالموضوع . وما أن رأته أم عباس حتى صرخت : محسن _ تقصد أبو عباس محسن _ أجه جواد اخوية ، أخي لا زال حياً ، شوفه الله عليك مو يشبه اخويه ) .

لم يحتمل صديقي ذلك المنظر وهو يرى زوجته تحتضن شخصا غريبا فصرخَ : (أنت مجنونة حقا ! اخوك مات وصار عظام) !. فأسرعت أم عباس الى الصورة و وضعتها الى جنب جواد وقالت له : (أنظر الله عليك)  ، فما كان من ابو عباس الا أن فقد اعصابهُ وصرخ : (أنت مجنونة ٌفعلا , ثلاثون عاماً مرت على وفاتهِ ولو كان حياً لصار عمره الآن خمسون عاماً) لكنها رفضت أن تقتنع بالحقيقة وراحت تقبله وتبكي وهي تقول : ( أخويه حبيبي عاد من الحرب) ، حاول جواد أن يفلت من يد أم عباس لكن دون جدوى ، فقال لها أبو عباس : ( اتركيه دعيه يذهب) والتفت الي قائلاً : (الله لا ينطيك على هاي العملة عساها بحظك وبختك) ، ثم قال ﻷم عباس : ( مجنونة فضحتيني , ماذا سيقولون عني الناس ؟!) , لكنها رفضت أن تترك جواد وراح تقبله وتشمه اكثر واكثر ، و استشاط ابو عباس غضبا و صرخ باكيا : ( اتركيه , فضحتيني فضحتيني ) ومزق ثيابه واخذ يلطم على وجهه وهنا دخل ابنهُ عباس فوجد اباه في حالة يرثى لها فحملهُ الى المستشفى ، ووجدت الفرصة سانحة فأخذتُ بيد جواد وخرجنا مسرعين وام عباس تنادي خلفنا : ( جواد جواد تعال يومية ,الله عليك تعال نفطر و نتغده ونتعشى سوية كل يوم) .

بينما فوجئنا ان ابا عباس دخل فجأة علينا وقال لها : انت طالق ؟؟

مشاركة