يا نخلة إذكريني
تراب الوطن
يقول الشاعر الشاب موسى الحمامي:
(لقد رأيناكم وأنتم تجلدون هذه الأرض وتنتزعون أقراطها ثم تلتفون على رأسها كالأفعى لتقطعوه، لم يبق إلا شيء واحد، إسروا بالرأس الى إسرائيل ،ضعوه في طشتها، وليداعب نيتنياهو شفتيه الطاهرتين، حتى يمكننا بعد ذلك أن نرد بطريقتنا المفضلة، أقصد أن نؤلف لطمية عظيمة، فإننا أُمة لاطمة)
لم يخرج الحسين عليه السلام سنة 61 هـ بصحبة أبنائه وأهل بيته الكرام ليسجل حدثاً وقتياً يُثير به عاطفة طبقة محددة من الناس، ولا من أجل الحصول على شيء دنيوي ملموس يرضي به نفسه وطبقة أُخرى أيضا، إنما خرج من أجل مبدأ وعقيدة، خرج ليخلق في كُلٍّ منا وعلى المدى البعيد إنسانا حُرّا ،رافضا للظلم تحت أي مسمى وتحت أي عنوان، ومن هنا كان لابد أن يستلهم ذو المبادئ الحقة والعقائد الخيرة الثابتة من الأبطال والاحرار قبسا من نور ثورة الحسين عليه السلام ليكون مناراً لخطاهم، ودليلا ونبراسا لا ينطفئ للوصول الى مآربهم.
ولمّا كنا نحن بني البشر محكومين دوما بالتاريخ، واقعين تحت تأثير الزمن، وندور مهما إتسعت الحلقات في دوامة التكرار التي تأبى أن تتغير مضمونا وفكرة مهما تعددت أشكالها وألوانها، كان من الوارد جدا أن نرى في كل بقعة ثمة حسين ويزيد، وفي كل عام طف الـ 61 هـ، وفي كل إعلام ثمة زينب جديدة وثم شمر جديد.
قطع رأس
وها نحن قبل أيام، عشنا محاولة لقطع رأس عراقنا، وتشتيت كيانه وأهله وبنوه، محاولة لإستنزاف رمق وجودنا الأزلي وإقصاء مكوّن مهم من مكونات شعبنا تحت مسمى الحق بإقامة دولة، محاولة للرقص حقداً على وقع طبول ظالمة وتصفيق أيادي طالما تحنّت بالدماء، تحت خديعة كبيرة نظّمتها إسرائيل وأرست سفنها في مياه رافدينا، جاهلة إن العراق مستنقع من الصعب الولوج به والخروج حيا دون أن تلتهمك أسنان تماسحيه وترمي برفاتك عند شواطئ الفشل والهزيمة. ربما كان خطأ الانتخاب، الذي مسخنا عن آخرنا ولم يتركنا لرحمة النوع الحيواني، فالحيوان احيانا اكثر رحمة بالحيوان من الإنسان بأخيه الانسان، خيرٌ أن نظلّ متقافزين على الشجر من أن نتقافز فوق رقاب بعضنا رافعين شعارات الحرية المزيفة، التي تُدجج طريقا سهلة لإسرائيل ومخططها اللئيم.
ما حدث ليس سوى غمامة سوداء ظنت على حين جهل بأن العراق أرض من السهل تقسيم حدودها بالقليل من المطر، وتفتيتها وفق معايير خارجية واتفاقات دولية قد تضمحل بسببها محبة كبيرة عاش في ظلها الشعب العراقي سنوات وسنوات، ولكننا سنظل نزهر، بمياهنا وأرضنا لا بالغمائم السوداء الدخيلة، ولن يعلو صوت فوق صوت العراق أو يرف علم غير علمه مازالت في الدنيا ألوان، وستظل كردستان شمال العراق الحبيب ،زاهرة مزهرة به، في قلب النخل قبل الجبال ، منتمية حد اللاحد اليه، رغم مآرب أتباع الدكتاتورية والظلم، والمنقادين بكل قواهم الى وحل الجهل والذل والخراب، الذين ما عرفوا ولن يعرفوا يوما معنى الوطن.
سجى السوداني – بغداد