وجع الغياب والكلمة التي سكنت الذّاكرة – عامر محسن الغريري

وجع الغياب والكلمة التي سكنت الذّاكرة – عامر محسن الغريري

كان عام 2025 قاسيا، على الوسط الصحفي العراقي،  فقد فقدت الصحافة باقة من الكتاب الكبار  التي سخرت قلمها للنقد البناء، وسعت عبر كتاباتها الساخرة إلى ترك بصمة لا تُنسى في ذاكرة القراء. فمن يتابع كتابات داود الفرحان في عموده الصحفي بين الناس  خلال حقبة الثمانينات والتسعينات لن ينسى طرحه المتميز وطريقته الساخرة في معالجة  الأحداث.

ولا يقل عنه تأثيرًا الصحفي الكبير حسن العاني، صاحب عمود «ضربة الجزاء» في صحيفة العراق و»حقل نواعم» في مجلة الشبكة العراقية، حيث سخّر العاني  خبرته وكفاءته لايجاز ما مر به في الحياة الصحفية منذ دخولها 1964، وأذهل زملاءه بطريقته الشيقه في عرض الحكايات اما الصحفي  محسن حسين  هو صاحب الافكار المبتكرة والمدهشة فهو الذي جاء بفكرة شخصية «عزيزي عزوز» الزاوية الشهيرة  في مجلة الف باء، والتي اعتمدت على التفاعل و المداعبة مع القراء من خلال ردود قصيرة، بعضها لاذع وأخر مضحك، حيث توالت الأجيال على متابعة هذه الزاوية الساحرة.  التي حررها في البداية داود الفرحان ثم تسلمها عام  1987 حسن العاني ثم اعقبه صاحب الفكرة في تحرير هذه الزاوية محسن حسين ليضيف لمسته الخاصة،  ثم قدّم هذا الصحفي  أفكارًا إبداعية مثل مسابقة صيد السمك في جزيرة بغداد السياحية، والتي حضرها الرئيس الراحل صدام حسين، ودعوة القراء لإرسال صور فوتوغرافية لشبهي سعدون جابر والممثلة ليلى علوي، في مبادرة تجمع بين الصحافة والثقافة والترفيه.

ولا يمكن أن نغفل   دور الصحفي  علي الكناني نجل الفنان الكبير المطرب الريفي ناصر الحكيم ، الذي وثّق اللحظة وصنع من التراث مادة غنية بالإبداع والتميز. هؤلاء الكتاب  تركوا إرثًا ثقافيًا لا يُمحى، وساهموا في صناعة هوية الصحافة العراقية

سيبقى أثرهم حاضرًا في ذاكرة الأجيال المتعاقبة، ودرسًا لمحبي الصحافة وعشاق الكلمة في التمسك بالموضوعية والابتكار وروح النقد البناء. نسأل الله أن يرحمهم، وأن يملأ الوسط الصحفي العراقي شبابًا قادرين على مواصلة مشوارهم، مقتدين بهؤلاء الكبار .

مشاركة