(وتلك الأيام) جوانب من السير الذاتية لشخصيات الفكر والأدب

المنتدى الثقافي البغدادي يكرّم والناقد شكيب كاظم

(وتلك الأيام) جوانب من السير الذاتية لشخصيات الفكر والأدب

حمدي العطار

كرم  المركز الثقافي البغدادي النقاد شكيب كاظم .وقدمت اوراق نقدية من اشادث بالمنجز الادبي والنقدي للمحتفى به “شكيب كاظم” وشارك في الاحتفاء  (حنون مجيد وامين قاسم وباسم عبد الحميد حمودي  وكاظم العبودي وحمدي العطار)

 واشار حنون مجيد الى ان (موضوعات الصديق الاستاذ شكيب تتميز بالروح التعليمية التوثيقية والتاريخانية ، يزود قارئه بها علماً على علم ، ودراية فوق دراية مع توثيق الاحداث بأمكنتها وأزمنتها ما يمكننا من القول بأن تجربته هذه الكتابية تنفرد عن غيرها هذه الايام). وقال الاديب والقاص والروائي باسم عبد الحميد حمودي في برقية بعث بها بالمناسبة التي لم يستطع المشاركة فيها لاسباب صحية ان (الاستاذ شكيب طاف مع والده مدنا عراقية شتى مثلما طفت مع والدي قبل ان يعود الى بغداد ليكمل دراسته الجامعية في بغداد عام 1975 قبيل ذلك كان  لايفارق الكتاب في البيت او الجامعة بل هو يدلف دوما الى مكتبة الكلية والمكتبة العامة ليستزيد ويتعلم ويدقق وقد افادته هذه الحاسة الموسوسة المترعة بأمل اكتشاف الجديد والمضي في تأليف أكثر من عشرين كتابا في شتى صنوف الادب والنقد وتراجم الشخصيات كان كتابه عن ابي بكر بن عياش الاسدي الذي اعده لدراسة الماجستير جزءا اساسيا في العمل النقدي الاحترافي فقد طبع مرتين لكن الاستاذ شكيب انصرف بعده الى الدراسات الحديثة في الادب والنقد فكتب عن مجموعة كبيرة من ادباء وشعراء العالم العربي وما زال يرود الساحة الثقافية مبشرا بالجديد غير مترفع عن القديم). وقال الاديب والناقد أمين قاسم (أن المحتفى يمتاز باعتزازه بنفسه فلم يعرف عنه انه باع قلمه حتى وان عضه الفقر بنابه حتى اضطر يوما من ايام الحصار الى بيع كتبه ، والكتب عند المثقفين لها معزة ومنزلة في قلوبهم كمنزلة الابناء ، ومنها بيعه كتاب النحو الوافي للاستاذ المرحوم الدكتور عباس حسن).

اخر الملائكة

واستذكر الشاعر كاظم عبد الله العبودي التسمية التي اطلقها رئيس تحرير جريدة (الزمان) الدكتور احمد عبد المجيد على المحتفى به ووصفه بانه (آخر الملائكة على الارض) في احتفالية اقامتها الجريدة عام 2010 ، كما اطلق القاص والروائي حنون مجيد على الاستاذ شكيب بانه صاحب منهج نقدي شامل يتسم بكثرة الاطلاع والمعرفة وتعدد المصادر اما صديقنا المشترك الشاعر والناقد والكاتب الراحل رزاق ابراهيم حسن عن المحتفى به انه مثقف كبير بذاكرة حية متوقدة بكثير من المعلومات ولا يتعامل مع المعطيات معزولة عن تواريخها ومصادرها انما يشير بدقة الى التواريخ والمصادر اما انا فما زلت مبتدئا في الكتابة ولاسيما الكتابة النقدية لكني شاعر منذ العصر العباسي! واجد للاستاذ شكيب أكثر من امتياز فيما طرحه من كتابات لعل أهم ذلك نبوغه في تعددية الموضوع ، فقد استرسل هذا القلم المتدفق في نقد القصة والرواية والشعر ، بل حتى نقد النقد بكفاءة عالية ، ويمتاز بوحدة النهج إذ لم يتفيأ ظلال أكثر من نهج رغم كثرة كتاباته واستدلاله بمناهج من سبق عربياً واجنبياً ـ وميزة اخرى هي سلاسة الاسلوب اذ نلمح في طروحاته النقدية كما بقية كتاباته رهافة الاسلوب وتلقائيته ، وكذلك عنده وضوح المعنى وغزارة الفكر)

واعرب الكاتب والصحفي حمدي العطار عن استغرابه خلال مداخلة له عن عدم وجود دراسات عليا عن منجز الاستاذ شكيب الذي ينطوي على التنوع والفكر والادب ، كما له اسهامات في تقويم وتأديب العديد من الكتاب والادباء ، ولايسعني سوى تقديم الشكر والتقدير لهذا المنتدى الثقافي وهو يحتفي بقامة وصرح ادبي كبير.  واستذكر العطار بعض المواقف عن العلاقة الشخصية التي تربطه بالمحتفى به خلال عملهما في مكان واحد بجريدة (الزمان). بعدها تحدث المحتفى به ” شكيب كاظم”عن ضرورة التوثيق لدى الادباء واستمراره في البحث وانه مايزال لم يجد نفسه في شيء من كتاباته لان مشروع الكتابة طويل وما يزال هناك ما لم يكتب بعد ، ثم تحدث عن كتاب (اديب) للاستاذ الراحل طه حسين وكيف ان الكتاب يعكس قصة حياة كاتبه ، اضافة الى كتاب حديث الاربعاء المشتق اسمه من المقالات التي تنشر كل يوم اربعاء لطه حسين وكيف ان القراء يحترمون الكتاب بينما الوضع الحالي في اختلف تماما ، كما تحدث عن الصعوبات والمعوقات التي تواجه الكتاب اضافة للحديث عن امور الثقافة والادب وفتح باب النقاش العام بهموم الثقافة والمثقفين.*الورقة النقدية لكتاب وتلك الايام للكتب شكيب كاظم قدمها حمدي العطار بمناسبة هذا الاحتفاء .هناك من يخلط بين الفكر والادب! الفكر نشاط عقلي مميز يعالج قضايا المجتمع بشكل مباشر، اما الادب والنقد فهو نشاط فكري ذو طابع رمزي، شكيب كاظم يمارس النوعين في نشاطه الثقافي، فتجد في كتابه (وتلك الايام) مقالات فكرية واخرى ادبية تنتمي الى (النقد)شكيب كاظم الهاجس عنده هو  الاثر اللغوي في الابداع، ناقد وباحث جاد ومهموم وملتصق مع قضايا المفكرين والادباء والكتاب.يكتب نقدا فيكون اقوى من النص المنقود! كتاباته تدعو الى التأمل في مقاربات مختلفة للغةاحيانا يمارس نقد النقد، صريح لا يجامل ، ويهتم بل يقدس  اللغة العربية  ويعدها الحامل الأكبر للمنتج الثقافي وهو يستوعب ما تواجه اللغة العربية من تحديات كثيرة ويدعو الى تنمية اللغة من خلال الربط بين اللغة والثقافة والتقنيات الحديثة والتطور الحضاري.(وتلك الايام) :مفهوم الثقافة كتاب (وتلك الايام ) الصادر من دار امل للنشر والتوزيع – دمشق سنة الاصدار 2020  يقع في 284  صفحة من الحجم المتوسط ويضم 41 مقالا في مجال الفكر والنقد الادبي والسيرة الذاتية.

شكيب كاظم يحاصر المتلقي بكمية كبيرة من المعلومات والذكريات والشخصيات والافكار في كل مقال من مقالات هذا الكتاب! واختار الكاتب عنوانا غريبا (وتلك الايام) ويبدو هو لا يؤمن بأن يكشف العنوان مضمون الكتاب، ولا يرى ضرورة ان تكون الجاذبية في العنوان ، بل هو يرى الغموض قد يخلق فضولا لدى المتلقي لمعرفة ماذا يعني هذا العنوان (وتلك الايام)، وهو يقول اعتمدت قول الله تعالي  (وتلك الايام نداولها بين الناس )  يبدأ الكتاب بإهداء الى روح  الدكتور عناد غزوان  (استذكار لأيام الدرس الجامعي في قسم اللغة العربية بكلية الاداب بالجامعة المستنصرية قسمها المسائي سنوات 1970-  1975 اما المقدمة فوضع لها عنوان اكثر غرابة (بين يدي الكتاب) يوضح فيها اسباب دفع مثل هذه الكتب للنشر وهي التي اساسا تحتوي على مقالات ودراسات قد نشرت في الصحف والمجلات (تم انتقاء عدد من المقالات التي سبق نشرها في الصحف خوفا من ان يطويها النسيان لتكون بين دفتي الكتاب)لقد كرس المؤلف جهوده على النواحي الفكرية والثقافية وحرص ان يوضح بالنقد والتحليل كل شخصية وما اختاره من كتب او مقالات تعبر عن رؤية الكاتب .ومن منهجه ان يسترجع حياة الاديب او الكاتب الابداعية وكذلك الموضوع الذي يتحدث عنه ومن تحدث ايضا قبله وبعده.

في الجوانب النقدية يرصد الكاتب ظواهر التجديد  ، من دون اهمال لدور التراث العربي في تأطير الحدثة وما بعد الحداثة.من يقرأ هذا الكتاب كأنه قرأ مجموعة كبيرة من الكتب لكتاب ومفكرين نذكر منهم ( الشاعر عبد المحسن الكاظمي- والمفكر الفلسطيني إدوارد سعيد- والناقد باسم عبد الحميد حمودي- والشيخ جلال الحنفي البغدادي – لويس عوض- احمد مطلوب- والباحث قيس كاظم الجنابي- وجوزيف برودسكي- صادق جلال العظم- العقاد والمازني- وقراءة في تجربة الروائي ارسكين كالدويل- وميخائيل نعيمة- وهل قرأ الجاحظ (فن الشعر )لأرسطو” وتطول القائمة لتمتد الى 41  شخصية.

 ادوارد سعيد نموذجا

لعل اهم ما في الكتاب هو مقال بعنوان (حديث نادر للمفكر الفلسطيني إدوار سعيد) ويبين الكاتب ان إدوارد سعيد اضطر الى مغادرة القدس نحو القاهرة عام 1948 مع ابيه وتم افتتاح مخزن تجاري كبير، ودراسة إدوارد في كلية الملكة فكتوريا بالاسكندرية ، ومن ثم أرسله أبوه إلى الولايات المتــــــــحدة عام 1951  لغرض الدراسة،، وتحدث الدكتور إدوارد الذي أكمل دراســــــته عام 1963  وشغل منصب استاذ الأدب المقارن في جامعة كولومبيا منذ تلك السنة وحتى وفاته في احد مشافي نيويورك 2003  ويقول ادوارد في حديثه النادر (لا يكفي ان تكون ابن القضية بل يجب ان تكون تلميذا لها، لقد ساعدتني اللغة كثيرا في الوصول إلى الآخر وإقناعه بوجهة النظر الفلسطينية كان هذا تحديا كبيرا فصورتنا سيئة أمام الأخر الغربي، وحاولت تغيير الصورة السلبية إلى صورة إيجابية….وأذ يسأله المحاور هل كانت الصحف الأوربية أو الامريكية تحذف شيئا من مقالاتك؟ يجيب إدوارد سعيد، الصحافة هناك حرة ولا أحد يتدخل فيما تكتب لكن الأهم كيف تصل إلى الجريدة ومن ثم تقبل الجريدة نشر مقالك، إذ قبلت الجريدة كتاباتك فلن تكون هناك عقبة في طريق النشر وستكون المعيتك ونزاهتك ودقتك هي الشفيع لك في أن تكتب وتنشر هذا المكتوب ، ومن ثم الوصول إلى القارئ والمتلقي وهو الهدف الأساس في عملية الكتابة وهذا ما كان)يسعى شكيب في هذا الكتاب الى تناول الكثير من المفاهيم النقدية والثقافية والمعرفية باسلوبه الجاد، وعلى الرغم من تواضعه الشديد وانكار الذات البالغ فهو عزيز النفس متوازن ونموذج لسلوك وموقف المثقف العضوي.

مشاركة