وأشرقت الشمس من الغرب لمنذر البديري
خطوط رواية السعودي أحمد الحقيل
بيروت ــ الزمان
صدرت رواية خطوط للروائي السعودي أحمد الحقيل، وهي تجربة روائية تعالج العلاقة بين الكتابة والحياة والموت الذي بدا من أول سطر متمرداً على قواعد السرد القصصي متوسلاً الرؤى والتأويل والمغزى تاركاً لمخيلة القارئ المجال لاحتمالات تتناسل فيما بينها، وليشهد حكاية لها لغتها الخاصة، ومع ذلك فهي بكامل عافيتها الفنية.
سعود الغزيمي هو راوي الرواية وبطلها، صحافي وشاعر لم يتجاوز الثلاثين من العمر لم يكن يعرف والده عبد المحسن الغزيمي، رماه والده مع والدته المحتضرة لملاحقة نزوة هلامية، وتركهما في بيت جده وأخواله في مدينة المجمعة قبل 29 عاماً، حينما كان في العام الأول من عمره فقط، معلناً عزمه على الرحيل، رغم أن أحداً لم يكن يعلم إلى أين، أو لماذا…
أمضى حياته وهو يخبر الجميع بثقة أن والده ميت، ولم يكن أخواله ليمانعوا بهذه الافتراضية تجاه الرجل الذي رمى أختهم المريضة لتموت بعد أربع سنوات من الاحتضار، وترك عندهم ولده الوحيد دون سبب واضح ليختفي، ثم تمضي السنوات دون أن يظهر له ذكر
لم يفكر سعود يوماً بالبحث عن والده، حتى جاء اليوم الذي طلب منه رئيسه في العمل أن يكتب مقالاً في والده الشاعر عبد المحسن الغزيمي ولكن، كيف يمكن له الكتابة عن شخص لا يعرفه أو يكاد يكون عدماً؟ بلا وجه، بلا تاريخ، بلا رقم، بلا شيء يثبت وجوده، مجرد اسم يعوم في الفضاء… وعند هذا المنعطف تبدأ رحلة البحث عن الأب المفقود، حتى إذا ما التقيا، عادا فافترقا، كغريبين، دون أن يعرف كلاهما الآخر…
وبعد، خطوط أثر روائي مميز، يتميز بالحداثة والتجديد، في الخطاب والأدوات، يطرح أسئلة، ويبحث عن أجوبة.
وأشرقت الشمس من الغرب لمنذر البديري
كما صدرت الرواية الثالثة للدكتور منذر البديري بعنوان وأشرقت الشمس من الغرب بعد وتذكر بعضاً مما تتذكره… ، و الماخور ، الدار العربية للعلوم ناشرون . هذا العنوان» المعاكس، حيث استحالة أن تشرق الشمس من الغرب؛ يشكل مفتاحاً مناسباً للدخول إلى عتبة الرواية؛ التي أهداها البديري إلى كل الذين نسجوا لذاتهم عالماً افتراضياً… عاشوا به لهم… ولهم وحدهم أهدي هذا النص ، فهل نحن أمام سلطة نص افتراضي لا يمت إلى الواقع بصلة، أم أننا أمام حالة خاصة، يحكي فيها الراوي سيرة عائلية تمتد على أجيال؟
في وأشرقت الشمس من الغرب يتناول منذر البديري حياة أسرة عربية عبر ثلاثة أجيال، يصطنع راوٍ يسند إليه مهمة الروي، هو أحد أبناء الأسرة من الجيل الثالث ــ عبد الهادي الصغير ــ فيقوم بسرد ذكريات ووقائع من حياة الأسرة وكل فرد فيها، أو انتسب إليها بفعل المصاهرة، متنقلاً بين الأزمنة والأمكنة، واصفاً تجارب كل شخصية والتحولات التي طرأت عليها، فتتعدد أدوات الحكي وأماكنه وأزمنته وموضوعاته من جيل إلى جيل، وقد تناثرت الحكايات في وحدات سردية طويلة متعددة العناوين، ولكن ينتظمها هم مشترك بالنسبة للراوي» البطل ــ عبد الهادي الصغير ــ الذي بدا مصمماً على البحث عن سرّ أبيه أحمد المصري الذي وفد إلى المدينة مع ثروة هائلة وشارك جده ــ عبد الهادي الكبير ــ في تجارة، وتزوج ابنته الزهراء» الأم، ومن ثم توفي في ظروف غامضة…
ومهما يكن من أمر الرواية وراويها، لعل منذر البديري أراد أن يقول في روايته أهمية بقاء الإنسان في وطنه فلا يهاجر منه من جهة، وأهمية بقائه على أرض الواقع فلا ينقطع منه ومن جذوره من جهة أخرى، ولعل وصية الجد أن يدفن باتجاه الغرب، يشي بالحنين إلى الأصل حتى بعد الممات أريد أن أرى الشمس… وهي تشرق من الغرب… بذاك اليوم العظيم .
AZP09