هي الأم
إلى لغتنا الجميلة في يومها المتجدد ابداً
كاظم عبد الله العبودي
بمن امسك التاريخ لليوم غابره
وفيم اعتلى بالامس، ما سف طائره
واي شراع وشح الافق ما حنى
سواريه عصف انما العصف ناشره
واي حروف ضاق بالصمت فارتقى
صداها صهيل الريح دهرا يحاوره
هي البحر حين المد ان يطغ مائره
وان رق او قرت صفاء زواخره
يجود له رياً اذا اجتاح قاحلاً
ويغسل وجه الرمل ان ردّ حاسره
ويعطي اذا ما يسبر الغور غائض
فتختال في جسد الصبايا جواهره
هي الغيث ان يستسقه النبع ظامئاً
ابل غليل البيد في الصيف ماطره
وشمس على (كانون) تلقي بشعرها
متى اطفئت في ذات ثلج مجامره
وصبح اذا ما عسعس الليل داجيا
تنفس كيما يوقظ الفجر زافره
وليل به ان اوجع النأي عاشقا
صحا في جفون الشوق طيف يسامره
وبدر زرى بالحوت اذ انشب الشجا
لدى حيثما تنو ابتلاعا كواسره
فكم فار بركان ليودي بغيرها
وبركانها كم اطلق الخصب ثائره
هي الام كرم دانيات قطوفه
فكل وليد رام قطفا تبادره
فمن برّ حضنا ذات دفء غفا به
يجد الف حضن ذات برد يشاطره
ومن عاف صدر الام او عض ثديها
فليس غريبا ان يجافيك غادره
هي النخل للشطين ادلى عذوقه
ليمنح من ادنى فما منه تامره
وايك على اغصانه كم ترنمت
طيور الهوى وجدا ودارت مباخره
بها طوق الدنيا حلى حين صاغها
لنا اول اترفن زندا اساوره
يتيه بها نقشا على الصخر سالف
وتسحب حتى الان ذيلا مفاخره
هي الوحي لما انزل الله وحيه
بـ (اقرأ) الى ان ارهف السمع كافره
لسان سما صوب النجوم اذا بدت
بزوغاً، فأن تأفل بدا منه باهره
لو ان قوافي الشعر ارسى لها الرؤى
وعلقها في مفرق الدهر شاعره
ولو نثر الورد الذي فاح عطره
يبوح لعمق الارض بالعشق ناثره
ومهما نضا ثوبا وابلى جديده
سواها وباهى ان تعرّى مكابره
فلن تخلع الجلد الذي شعّ اسمراً
على جبهة الايام تزهة مآثره
وما افرغت ان ينفد البحر كاسها
ولا اطبقت صمتا وقد هاج هادره
تظل كما كانت فما زال دفقها
تزود منه السحب اذ جاد غامره
لقد طال امس الراسيات يراعها
ويزحم غيما سوف يرقاه حاضره
هي الصوت في اقصى الدنى ردد الندا
تضج به في مشرقيها منائره
تتابع ازمان وتطوى فصولها
ولكنها كالموج بدء اواخره
وكل الورى يفنى وتبقى حروفها
يسير بها فوق السراط عوابره