هل تخرج المجالس عن إلتواءاتها ؟ – جاسم مراد

هل تخرج المجالس عن إلتواءاتها ؟ – جاسم مراد

لا نريد هنا أن نستبق الأمور حول إمكانية خروج مجالس المحافظات عن التواءاتها السابقة ، وفشلها في تحقيق برامجها ورغبة الجماهير في العمل ، وإنما هذا الأمر واضح لأبناء شعبنا جميعاً ، ولكننا نحاكي الوضع ما بعد انتخابات 2023_2024وتشكل المجالس وانتخاب المحافظين ، ففيما يتعلق بالتمويل المادي واستحقاقات المحافظات من الموازنة ، نعتقد انها كفيلة لمن يريد العمل والبناء وإنجاز المشاريع ومعالجة أزمات البنى التحتية ، وهناك مساحة واسعة من اطلاق اليد لجذب الاستثمارات واشراك القطاع الخاص ، هذا إذا توقفت عمليات الابتزاز والرهانات على تسويق المشاريع للشركات مقابل الفدية المالية، التي كانت تفرض في بعض المحافظات ، وكذلك الاعمال الانتقائية في تبليط بعض الطرق والتشغيل لبعض الأشخاص للكسب الانتخابي وارضاء البعض الاخر .

عمل ميداني

نحن الان أمام مرحلة جديدة ليس مسموحاً فيها الانتقائية في العمل ، أو التبرير والشكوى من قلة التموين والمال ، فهي مرحلة العمل ، والعمل الميداني كون المطروح في رأس الدولة والسلطة التي يتولى قيادتها السوداني من انها سلطة البناء وخدمة الشعب ، سلطة الاعمار والتطور والبنى التحتية ، ومن هنا لابد من المحافظين ومجالس المحافظات النزول الى العمل وتوزيع المهمات ميدانيا والتنافس الشريف في عمليات الإنجاز وتحقيق رغبة ومصالح المواطنين ، وبعض المحافظات إن لم يكن الجميع عاشت ظروفاً قاهرة وقاسية طيلة اكثر من 15عاما من تشكل المجالس ، وكان التنابز والاختلافات وصولاً للتناقضات بين أعضائها الموزعين على الأحزاب والكيانات السياسية يتغلب على روحة الاتفاق والعمل المشترك في البناء والتطور .

إن بعض هذه المحافظات خاصة في مناطق الوسط والجنوب عاشت وتعيش ظروفاً مأساوية في طرقها وبنيتها التحتية وهيكلية ابنيتها وحتى المجسرات التي تم تشييدها ، فأنظروا لمحافظة بابل ومدينة الحلة واقضيتها ونواحيها ، تلك الحلة التي كانت من اجمل مدن العراق بمداخلها وشوارعها وناسها ، اصبح الان كل من يمر فيها قاصداً المحافظات الأخرى يتأوه اكثر من مرة وهو يدخل الحلة وانعدام طرقها الداخلية والخارجية ، وصار مشروع المجاري فيها قصة لا تنتهي ، في كل مرة يتم الحفر ثم يدفن ، ثم يحفر مرة أخرى ، والمعروف إن هذه المدينة الرائعة تضم كبار الشعراء والادباء والكتاب والتاريخ العريق ، فبابل مدينة حمورابي والقانون والدستور الذي لم يكتب مثله في تاريخ البشرية ، وبابل نبوخذ نصر الذي شيد اعظم اميراطورية في التاريخ وهي المدينة التي تم فيها عبر التاريخ القديم والقديم جداً تشييد الجسور والترع وتوزيع المياه على المزارعين وتوزيعها بين الأراضي ، هي الان القسم الكبير منها لم تصل أراضيها الزراعية المياه ، وكذلك هناك حال الكثير من المحافظات والمدن الوسطى والجنوبية .

لم تعد المرحلة الراهنة والمقبلة قابلة للتأويلات والمبررات والتأخير في العمل ، وعلى أعضاء مجالس المحافظات توزيع العمل بينهم والنزول الى الشارع والعمل والتخلي عن الكراسي ، فمن يعمل وينجز فهو الذي يحظى بالدعم الشعبي ويرفع رأس ناخبيه وكتلته وحزبه ، ومن يظل يفتش ويفكر عن ( الفستوكيات) والبحث عن الربح السريع والمال الأسود واسطول سيارات النقل والبيوت الفارهة والأراضي الزراعية المختارة واستغلال المكان والسيارات السوداء الامريكية الفارهة والحراس ، فأنه يقيناً يسقط ومن معه مع لعنة المحرومين والجياع وغضب الله .

لقد تشخصت المرحلة الراهنة وما بعدها ، بمرحلة الخدمة والبناء مثلما جاء في برنامج حكومة السوداني فهل تتواصل محالس المحافظات الجديدة مع هذا النهج ، وهو خيارها الوحيد أم انها تنخرط في طريق التواء ما سبقها وتسقط بقوة الرفض الشعبي .

أملنا كمواطنين ومتابعين أن تتحول تجارب الماضي ، الى خطط وعمل وانجازات والعراق وشعبه يستحق ذلك ، نعم يستحق ..

مشاركة