هل تبقى الرسائل السورية أقوى من التركية؟
فاتح عبدالسلام
منذ القصف الذي قتل 5 مواطنين أتراكاً بات في كل يوم هناك قذيفة واحدة تطلق من داخل الأراضي السورية نحو تركيا من دون وقوع خسائر. لكن الرسالة واضحة في اختبار إمكانية تركيا على ردّ حقيقي تراهن القيادة السورية وحلفاؤها على عجزه وعدم تحوله إلى واقع على نحو أكثر ممّا حدث حتى الآن.
القرى التركية على الحدود السورية سوف تخلو من ساكنيها إذا استمر القصف شهراً أو شهرين حسب شهادات الأهالي في وسائل الاعلام مؤخراً. الرسائل السورية كانت في ظاهرها أوضح من الرسائل التركية طوال هذه الأزمة الدموية. فدمشق أسقطت طائرة حربية وقتلت طياريها في أولى الرسائل وأقواها. ثمَّ قصفت مدافع من داخل سوريا قرية تركية وقتل مواطنون أتراك، والقصف لا يزال مستمراً برغم ما تتحدث به أنقرة من ردّ ميداني من قبلها.
لماذا تبدو تركيا في المشهد الحالي كما يقول المصري فنغري بق إلى درجة أن الجيش السوري المنهك في العمليات الحربية في مساحة واسعة بات لا يعير وزناً لهيبة ذلك الجيش الذي تعده أنقرة منذ عقدين على الأقل لترسيخ نفوذ تركيا الإقليمي.
من المؤكد أنّ تركيا دولة مستقرة بمؤسساتها الدستورية تعمل من داخل شبكة مصالحها العليا وتعرف معنى قرار الحرب ولا تسعى للانجرار إليه تحت ضغط من يريد توريطها خدمة لأجندة خلط الأوراق وفك الاختناق الداخلي في سوريا.
وتركيا تراعي عدم الاصطدام بإيران في الملف السوري وأنَّ شن الحرب يعني حدوث ذلك التصادم بشكل أو بآخر في الميدان السوري.
كما إنَّ تركيا لا تريد تسجيل أية نقطة سوداء أو شبهة في ملفها الأوربي بالرغم من تعليقه وعدم نزوله إلى أرض الواقع.
وتركيا قبل ذلك ترى أنَّ وضع سوريا الذي يناقش في مجلس الأمن أكثر من مرّة، إنّما هو من مسؤولية ذلك المجلس أو العالم كله، وهي لن تدفع ثمن حرب تُدق طبولها في عواصم كثيرة ولن تؤدي هي المعزوفة الأخيرة فيها والأكثر دموية.
من خلال هذا المشهد تبدو الرسائل السورية أقوى من التركية.. لكن ذلك أمر ظاهري فحسب ولا يكفي أبداً. وفي النهاية تبقى الاجابات الحاسمة مرتبطة بنهاية الانتخابات الأمريكية وبعد ذلك سوف يضطر الأتراك إلى التعبير عن شخصيتهم الإقليمية ولو عنوةً، وإلاّ تحولوا إلى أتباع للسياسة الإيرانية في المنطقة من دون أن يشعروا… وتلك هي النتيجة الأقسى.
AZP20