هجرة – جمعة الدراجي
يقولُ سيوران : (الوعي لعنة مُزمنة ،كارثة مَهولة، انهُ منفانا الحقيقي ، فالجهل وطن ، والوعي منفى ). الإحساس بالانتماء للمكان لم يكن هينا لكل المجتمعات لكن لاهالي الأهوار تراتيبية قد يراها البعض مبالغ فيها او هو وعي متجذر ليرتقي للخرافة اوحزن بدائي و سر اسرار أحزانهم الخفية التي تضاعفت بشح المياه وعطش الدار التي كانت مركونة على تهلة تتمايل مع حركة الرياح ومرور المراكب المحملة بربطات القصب والبردي بمويجات اهتزازية ضئيلة الحركة ، وصداح الطيور وأناشيد الملايات اللائي يحملن الجرار ،وشيئا فشيئا انحدر الماء وجفت معالم المكان وبلم بيت عويصي ركن عند الشلهة ، ارتفعت أعمدة تشبه المآذن انتظر الجميع صوت الآذان لكنها نفذت الدخان طاح الهور و ( الجمل من يطيح تكثر عليه السكاكين )، تضاعفت أحزانهم دُجَّجَ الهور بأثقل المعدات لشركات النفط ( لمواساتهم ) بتدمير تلك البيئات بينما مهندس الموارد المائية كسر (ستان اللفل) وغادر المواقع مسرعا وسط ذهول مريب اذ استخدم سكان قرية {الرمادة} ( البايسكلات ) بدل (الشختورة ) واستقبلت الكواهن السيارات و (الشريعة) التي كانت تجمع لقوارب تجار الأسماك والطيور أصبحت ساحة كرة قدم ترابية للأولاد ،فأقدم المساح الزراعي على طي خريطة الحقل الزراعي لصاحب الأرض عطيوي عبد الله السومري المحاذية لحافة الهور ، بينما زوجته قند ذهبت بعيدا عن كوخها القصبي لتعد جماجم الجاموسات النافقات لتصيح في الآفاق (أهلاه عطيوي أهلاه …. الشيلة أولى … تاليها تلحق على أعمارنا ) قرار حازم اتخذته قنيدة في لحظة حزن يائسة بينما تصرفت حبالها الصوتية بتكسير موال سومري شجي . اجتمع بصوتها تراجيديا شجن لأحزان تفكيك الأكواخ الذاهبة للأماكن البعيدة ولم تنس ذكر موتاها الذين رحلوا قبل ان يمر عليهم هذا الضيم .