توقيع
فاتح عبد السلام
الجانب الايمن في الموصل هو غير الأيسر ، هذا الجانب منكوب بمعنى الكلمة ، جاع الناس فيه الى حد الموت ووقعت بينهم اصابات بما يفوق اصابات تنظيم داعش بمئات المرات ، نعم مئات المرات ، وأنا أتحدث عن مصادر تحت القصف في الموصل.
المستشفيات التي احتكرها التنظيم تقع في الجانب الايمن وهي عامة وخاصة لكن المواطن لايجد علاجاً فيها. لم يحدث حتى في حروب المدن في الحرب العالمية الثانية ان يظل المدنيون ينزفون حتى الموت ولا احد يستطيع انقاذهم ، لكن هذه المشاهد تجدها في الموصل الآن بالرغم من ان اكثر من نصف هذا الجانب من المدينة لم يحرر بعد ، وقس على ذلك ، ماذا يمكن أن تكون النتيجة حتى انتهاء استعادة الموصل والقضاء على التنظيم المتطرف .
نعلم انّ الخيارات الآن محدودة وقد اشتعلت المعارك وليس امام الاهالي إلا الصبر فوق الصبر المعتاد ليجتازوا محنة ما مرت مثلها على مدينة في حرب في العصر الحديث .
الحكومة يجب ان تكون كلها مستنفرة لا تترك الامر لنواب وأعضاء مجلس محافظة يستعرضون أمام الكاميرات ، يجب أن يصل العلاج المستعجل مع الغذاء الى كل حي يتم تحريره في اليوم ذاته ، والعمل على نقل الحالات المستعجلة الى المستشفيات في المدن الاخرى وحتى الدول الاخرى ، فهذا شعب منكوب ، وإذا شهدتم موته اليوم من دون أن تعوا حجم المسؤولية التي يجب أن تضطلعوا بها فإن أيام حكمكم المقبلة ستكون أسود من القطران .
نداءات الاستغاثة تصل من كل مكان في الموصل ، نداءات لم يعتد أهالي الموصل الأباة توجهيها من قبل مهما كانت جراحهم كبيرة ، لكنها اليوم ليست جراحاً في جسد بشر وإنّما نزيف في جسد وطن وتاريخ ودين وكرامة وانسانية .
تجربة تحرير الجانب الأيسر فيها أخطاء تداركها العسكر في الجانب الأيمن لكن القوة التي من المفترض أن تبسط الأمن هناك لا تزال مهزوزة وضعيفة وليست محل ثقة الناس الذين بدأ الكثير منهم يفكرون الآن وبعد انتهاء المعارك بالرحيل والنزوح.داعش كان سبب نكبة الموصل ولا يمكن ان تمحى اثار النكبة بسلوكيات ومواقف تقود الى نكبات جديدة .
رئيس التحرير
لندن