نكبة الموصل .. نكبة النكبات

fatih new 2016-11

توقيع 

فاتح عبد السلام 

الجانب‭ ‬الايمن‭ ‬في‭ ‬الموصل‭ ‬هو‭ ‬غير‭ ‬الأيسر‭ ‬،‭ ‬هذا‭ ‬الجانب‭ ‬منكوب‭ ‬بمعنى‭ ‬الكلمة‭ ‬،‭ ‬جاع‭ ‬الناس‭ ‬فيه‭ ‬الى‭ ‬حد‭ ‬الموت‭ ‬ووقعت‭ ‬بينهم‭ ‬اصابات‭ ‬بما‭ ‬يفوق‭ ‬اصابات‭ ‬تنظيم‭ ‬داعش‭ ‬بمئات‭ ‬المرات‭ ‬،‭ ‬نعم‭ ‬مئات‭ ‬المرات‭ ‬،‭ ‬وأنا‭ ‬أتحدث‭ ‬عن‭ ‬مصادر‭ ‬تحت‭ ‬القصف‭ ‬في‭ ‬الموصل‭.‬

‭ ‬المستشفيات‭ ‬التي‭ ‬احتكرها‭ ‬التنظيم‭ ‬تقع‭ ‬في‭ ‬الجانب‭ ‬الايمن‭ ‬وهي‭ ‬عامة‭ ‬وخاصة‭ ‬لكن‭ ‬المواطن‭ ‬لايجد‭ ‬علاجاً‭ ‬فيها‭. ‬لم‭ ‬يحدث‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬حروب‭ ‬المدن‭ ‬في‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية‭ ‬ان‭ ‬يظل‭ ‬المدنيون‭ ‬ينزفون‭ ‬حتى‭ ‬الموت‭ ‬ولا‭ ‬احد‭ ‬يستطيع‭ ‬انقاذهم‭ ‬،‭ ‬لكن‭ ‬هذه‭ ‬المشاهد‭ ‬تجدها‭ ‬في‭ ‬الموصل‭ ‬الآن‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬ان‭ ‬اكثر‭ ‬من‭ ‬نصف‭ ‬هذا‭ ‬الجانب‭ ‬من‭ ‬المدينة‭ ‬لم‭ ‬يحرر‭ ‬بعد‭ ‬،‭ ‬وقس‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬،‭ ‬ماذا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬النتيجة‭ ‬حتى‭ ‬انتهاء‭ ‬استعادة‭ ‬الموصل‭ ‬والقضاء‭ ‬على‭ ‬التنظيم‭ ‬المتطرف‭ .‬

‭ ‬نعلم‭ ‬انّ‭ ‬الخيارات‭ ‬الآن‭ ‬محدودة‭ ‬وقد‭ ‬اشتعلت‭ ‬المعارك‭ ‬وليس‭ ‬امام‭ ‬الاهالي‭ ‬إلا‭ ‬الصبر‭ ‬فوق‭ ‬الصبر‭ ‬المعتاد‭ ‬ليجتازوا‭ ‬محنة‭ ‬ما‭ ‬مرت‭  ‬مثلها‭ ‬على‭ ‬مدينة‭ ‬في‭ ‬حرب‭ ‬في‭ ‬العصر‭ ‬الحديث‭ .‬

الحكومة‭ ‬يجب‭ ‬ان‭ ‬تكون‭ ‬كلها‭ ‬مستنفرة‭ ‬لا‭ ‬تترك‭ ‬الامر‭ ‬لنواب‭ ‬وأعضاء‭ ‬مجلس‭ ‬محافظة‭ ‬يستعرضون‭ ‬أمام‭ ‬الكاميرات‭ ‬،‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يصل‭ ‬العلاج‭ ‬المستعجل‭ ‬مع‭ ‬الغذاء‭ ‬الى‭ ‬كل‭ ‬حي‭  ‬يتم‭ ‬تحريره‭ ‬في‭ ‬اليوم‭ ‬ذاته‭ ‬،‭ ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬نقل‭ ‬الحالات‭ ‬المستعجلة‭ ‬الى‭ ‬المستشفيات‭ ‬في‭ ‬المدن‭ ‬الاخرى‭ ‬وحتى‭ ‬الدول‭ ‬الاخرى‭ ‬،‭ ‬فهذا‭ ‬شعب‭ ‬منكوب‭ ‬،‭ ‬وإذا‭ ‬شهدتم‭ ‬موته‭ ‬اليوم‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تعوا‭ ‬حجم‭ ‬المسؤولية‭ ‬التي‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تضطلعوا‭ ‬بها‭ ‬فإن‭ ‬أيام‭ ‬حكمكم‭ ‬المقبلة‭ ‬ستكون‭ ‬أسود‭ ‬من‭ ‬القطران‭ .‬

‭ ‬نداءات‭ ‬الاستغاثة‭ ‬تصل‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬مكان‭ ‬في‭ ‬الموصل‭ ‬،‭ ‬نداءات‭ ‬لم‭ ‬يعتد‭ ‬أهالي‭ ‬الموصل‭ ‬الأباة‭ ‬توجهيها‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬مهما‭ ‬كانت‭ ‬جراحهم‭ ‬كبيرة‭ ‬،‭ ‬لكنها‭ ‬اليوم‭ ‬ليست‭ ‬جراحاً‭ ‬في‭ ‬جسد‭ ‬بشر‭ ‬وإنّما‭ ‬نزيف‭ ‬في‭ ‬جسد‭ ‬وطن‭ ‬وتاريخ‭ ‬ودين‭ ‬وكرامة‭ ‬وانسانية‭ .‬

تجربة‭ ‬تحرير‭ ‬الجانب‭ ‬الأيسر‭ ‬فيها‭ ‬أخطاء‭ ‬تداركها‭ ‬العسكر‭ ‬في‭ ‬الجانب‭ ‬الأيمن‭ ‬لكن‭ ‬القوة‭ ‬التي‭ ‬من‭ ‬المفترض‭ ‬أن‭ ‬تبسط‭ ‬الأمن‭ ‬هناك‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬مهزوزة‭ ‬وضعيفة‭ ‬وليست‭ ‬محل‭ ‬ثقة‭ ‬الناس‭ ‬الذين‭ ‬بدأ‭ ‬الكثير‭ ‬منهم‭ ‬يفكرون‭ ‬الآن‭ ‬وبعد‭ ‬انتهاء‭ ‬المعارك‭ ‬بالرحيل‭ ‬والنزوح‭.‬داعش‭ ‬كان‭ ‬سبب‭ ‬نكبة‭ ‬الموصل‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬ان‭ ‬تمحى‭ ‬اثار‭ ‬النكبة‭ ‬بسلوكيات‭ ‬ومواقف‭ ‬تقود‭ ‬الى‭ ‬نكبات‭ ‬جديدة‭ .‬

رئيس التحرير

لندن

مشاركة