
فاتح عبد السلام
التكنولوجيا التي ينعم بها الانسان اليوم، حتى يكاد ينسى كيف كانت حياته قبل عشرين سنة وربما عشر سنوات، قد تتحول كوارث على صعيد الحياة اليومية الشخصية.
ذاتمرة،كتباحدأصدقائناالشعراءديواناجديداوحفظهعلىجهازآيباد،ولميكنلديهنسخةورقيةبديلة،وفيلحظةغفلة،تحركتأصابعهبالخطأومسحتكلشيء. يالها من صدمة كبيرة ان يفقد المبدع قطعة من مسيرته الأدبية التي هي قطعة من حياته.
بالتأكيد، أصبح هناك تطبيقات تسترجع المواد المحذوفة بالخطأ في بعض الحالات، ولكن ليس لكل عملية حذف وإلغاء.
وطالماتعرضاغلبالناسلعمليةحذفارقامهواتفأصدقاءواقاربمنقائمةالهاتفلأسبابفنيةمختلفة،وبذلكينقطععمليةالتواصلمعهملأنّتلكالأرقامكانتالوسيلةالوحيدةلإدامةالصلة،وباتعليناأننقضيوقتاطويلافيإعادةتجميعالأرقامالمفقودة.
لقد نسينا الورق، ودوره في حفظ ذاكرتنا المتعبة وصيانتها. وتغيرت عاداتنا اليومية في المخاطبات الرسمية وتسديد الفواتير وقراءة الصحف والكتب، وانتقلنا الى الوسائل الالكترونية في تحقيق ذلك.
هذه الخدمات المتاحة التي تسهل حياة الناس، تقابلها استخدامات من الأجهزة الحكومية والمؤسسات والمستشفيات والدوائر الاجتماعية والبنوك في التدقيق على الافراد والتحقق من صحة مسارهم الحياتي والأمني والمالي، والاجتماعي، والخدمي، والضريبي، والصحي. وهذا مهم في تحقيق الاستقرار العام وتوزيع الحقوق والواجبات.
الدولالمتحاربةعلناًأوسراًتعرفانّضربالأهدافالعسكريةليسواجباًأوضرورةأومؤذياًفيكلمرة،لذلكباتتالحروبالسيبرانيةأشدأثراًوخرقاً.
قبل شهور، كنت محظوظاً لوصولي مبكراً الى مطار هيثرو بأكثر من أربع ساعات على موعد الرحلة، اذ كانت المفاجأة، في توقف جميع أجهزة الكومبيوتر بعد التعرض لهجوم الكتروني ربما من روسيا، وفي هذه الحالة تقوم بعض الشركات بإقفال برامجها من ذاتها تجنباً للخروقات، غير انّ الضحية هو المسافر، الذي سيتم التعامل معه فجأة بوسائل ما قبل وجود الكومبيوتر، فيقوم الموظفون بتدوين كل المعلومات بالقلم يدويا، بما يستغرق ساعات، حتى قبل دقائق من موعد الإقلاع. فيما قامت شركات طيران أخرى بإلغاء رحلاتها لعدم استعدادها للانتقال الارتدادي المفاجئ الى عصر الكتابة والتدوين بالقلم.
أين كنّا، وأين أصبحنا؟
رئيس التحرير-الطبعة الدولية


















