نظرة على توجهات التعليم العالي الأهلي – أكرم سالم

نظرة على توجهات التعليم العالي الأهلي –  أكرم سالم

 يعد تشريع قانون التعليم العــــــــــالي الأهلي رقم 25 لسنة 2016  والمباشرة بتنفيذه بعد نشره بجريدة الوقائع العراقية في أيلول من العام ذاته حدثا مهما  على طريق انضاج هذا التعليم في العراق ودفع مؤسساته وكلياته الفتيّة خطوات متقدمة تجاري مثيلاتها في الدول المجاورة التي سبقتنا في هذا الحقل لاكاديمي بعقود من الزمن كان لها نتائجها الملموسة في جذب الطلبة الطامحين الى المواصلة ومتابعة المسيرة العلمية التقنية ومن جميع البلدان المجاورة ولاسيما من العراق .   وبالتأكيد فان الاسهام في تطوير هذه المسيرة وطنيا  من خلال اغنائها ونقدها وردم ثغراتها وعثراتها يعني الكثير لهؤلاء الطلبة والتدريسيين وللاقتصاد الوطني اذ انه قناة أساسية من قنوات درء استنزاف العقول العراقية وهجرتها بل تدعم هجرتها المعاكسة وتعبّد طريق عودتها الى أحضان الوطن الام .

     وبكل تأكيد فان القـانون رقم 25  لسنة 2016  جاء معززا للمكانة العلمية للجامعات والكليات الاهلية وداعما لرسالتها وأهدافها التنموية والتقنية والعلمية الإبداعية وذلك بترصين اغراضها الاكاديمية ومنحها الاستقلالية والمرونة اللازمة بغية استمرارية ارتقائها وعدم جمودها وتقوقعها او الركون والنكوص الى اهداف استثمارية بحتة لتتحول الى عبء من الأعباء والمعضلات وتضيف همّا وطنيا مضافا الى سلسلة همومنا ومعاناتنا .

     ان بلدنا اخذ منذ بضع سنوات يغذّ السير بخطوات طموح وجادة في مجال خصخصة قطاع التعليم العالي في اتجاه الإفادة من الطاقات والكفاءات الاكاديمية المحلية وتجذير توطينها وعدم تشريدها بما يعرف بظاهرة هجرة العقول وهي ظاهرة مدمرة وملموسة محليا ولها أسبابها المعروفة .

تفعيل تطبيق

    ان تفعيل تطبيق هذا القانون والمساهمة الجادة في بلورته وتسهيل جوانب تنفيذه والعمل بأنظمته وتعليماته التي تتولاها وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ركن جوهري ومسؤولية تقع على عاتقنا جميعا أساتذة وكتاب ومؤسسات علمية بل هي امانة وطنية في اعناقنا تقتضي استكمال اشواطها من خلال الكلمة الصادقة والنقد البنّاء .    وهنا يجدر بي الإشادة بدائرة التعليم الأهلي في الوزارة ومتابعتها المستمرة لكل ذلك ، غير ان هذه الدائرة مازالت قسما من اقسام تشكيلات الوزارة .. وهو امر يدعو الى الاستغراب ودون مستوى الطموح ولم يتماش مع التشريع الجديد واشتراطاته التطبيقية وجسامة مهامه ومجريات تجربة تشكيلات التعليم العالي الأهلي الذي اخذ يتشظى في توسعه وينشطر بشكل مدهش وسريع يتطلب الحذر والمراجعة المستمرة حفاظا على سلامة التطبيق وموضوعيته .

  لذا صار من الأهمية القصوى الارتقاء بهيكلية هذا القسم – دائرة التعليم الأهلي وجعلها دائرة عامة او مديرية عامة في الوزارة لها قدر واسع من الاستقلالية الإدارية والفنية وتمكينها من الاسهام الإيجابي في صنع القرار وآليات التطبيق في هذا المجال الحيوي ، الامر الذي يدعمها تنظيميا ويسهّل توجهاتها في المتابعة وحل المعضلات والاشكاليات التي تواجهها يوميا واستراتيجيا ، ولاسيما ان الوضع التشريعي القانوني الجديد لا يكتفي بالتعامل مع عمادات الكليات بأوضاعها الراهنة ولكنه يلزمها بالتطور نحو جامعات متنوعة الاختصاصات المعرفية و التقنية وهو بالتأكيد ارتقاء تنظيمي – اكاديمي غير مسبوق في العراق يتطلب المواكبة الهيكلية وجديّة المراجعة الشاملة من قبل الدوائر ذات العلاقة .

 وبالرغم من ان الأنظمة التطبيقية الصادرة من الوزارة واضحة ودقيقة بهذا الصدد و قد منحت الكليات الاهلية مددا زمنية للتكيّف وترتيب الأوضاع تلافيا للتناقض والسلبيات والمطبّات  وهي عديدة بلا شك  .. غير اننا لابد ان نواصل الالتفات بجدية الى هذه التجربة الواعدة و دراستها من جميع جوانبها المهمة ، ولعل من ابرزها قضية الحوكمة وإحكام العلاقة بين المؤسسين – المستثمرين من أصحاب الأسهم من جهة ومجالس الإدارة والعمادات التي تتولى قيادة هذه التشكيلات الاهلية تنفيذيا من جهة مقابلة  ، وهو ما  سأتـطرق له لاحقا بإذن الله.

{  رئيس قـــسم إدارة الاعمال بكلية دجلة الاهـلية