ندوة علمية تدعو إلى تجاوز السجون بالمغرب النظرة الأمنية
الرباط ــ عبدالحق بن رحمون
تناول خبراء في ندوة علمية احتضنتها مؤخرا مدينة بني ملال في أحد الفنادق، وضعية السجون بالمغرب، ووضعوا هذا الموضوع الشائك على طاولة النقاش والتحليل والنقد، حيث تناولوا أزمة السجون بالمغرب في صلب واقع مرير، ومن المشاركين قضاة وباحثون في القانون حيث تم التأكيد بالاجماع اعتبار أزمة السجون هي مسؤولية مشتركة، يتطلب حلها بتضافر جهود كل المتدخلين، مذكرين في نفس السياق بالتقرير الأخير للمجلس الوطني لحقوق الانسان من خلال توجيه توصياته إلى كل من المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج ووزارة العدل والحريات ووزارة الداخلية والبرلمان. وتابع أشغال هذه الندوة جمعيات المجتمع المدني ومؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجناء والهيئة العليا للحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة والسلطات القضائية والحكومة والمجلس الوطني لحقوق الإنسان نفسه.
ويذكر أن الندوة افتتحت أشغالها بكلمة لـ نادية حيدة، عضو المكتب التنفيذي للمرصد المغربي للسجون إذ استعرضت فيها أهم أنشطة المرصد الوطني للسجون، والأهداف التي يسعى لتحقيقها. ويشار أن المرصد المغربي للسجون واللجنة الجهوية لحقوق الانسان ببني ملال خريبكة، هما من سهرا على تنظيم اللقاء بحضور المكتب الجهوي لنادي قضاة المغرب للدائرة الاستئنافية لبني ملال.
واعتبر المنظمون أن هذه الندوة تأتي انسجاما مع التوصيات الصادرة في التقرير الأخير للمجلس الوطني لحقوق الانسان بعنوان أزمة السجون مسؤولية مشتركة 100 توصية من أجل حماية حقوق السجناء والسجينات ، وأيضا في سياق المجهودات التي يبدلها المرصد المغربي للسجون، والتي تتعلق بحماية حقوق السجناء والنهوض بها. من جانب آخر، تأتي مشاركة نادي قضاة المغرب في أشغال الندوة ممثلة في المكتب الجهوي ببني ملال انطلاقا من الأهداف المحددة في النظام الأساسي للنادي التي تضع من بين أهم اهتماماته الدفاع عن حقوق وحريات المواطنين. وفي إطار المستجدات التي كرسها دستور فاتح تموز يوليو الذي ضمن للقضاة الحق في التعبير وفي تأسيس جمعيات مهنية كما تعكس هذه المشاركة انفتاح القضاء على محيطه.
من جهته، أوضح رئيس المكتب الجهوي لنادي قضاة المغرب ببني ملال السعيد حثمان في مداخلته القانون المنظم للسجون، مؤكدا أن النصوص القانونية المنظمة للسجون متفرقة على مختلف القوانين والنصوص ولم يتم تجميعها في مدونة خاصة، مما يعقد مهمة تقديم رؤية واضحة للترسانة القانونية للسجون، موضحا كذلك أن المسار التاريخي لها عرف ثلاثة مراحل أساسية حيث في مرحلة ما قبل الحماية كانت السجون تستمد قوانينها من الشريعة الإسلامية، أما في المرحلة الموالية أي الحماية فتميزت بصدور ظهيري 1915 و 1930، اللذان تأثرا بالقانون الفرنسي لكن السجون ظلت تابعة للشرطة، ثم في مرحلة ما بعد الاستقلال أخضعت لوزارة العدل واستحدثت مجموعة من القوانين الجديدة التي حاولت الاستجابة للمعايير الدولية في مجال معاملة السجناء. أهمها قانون 98»23 الذي يعتبره الكثيرون قفزة نوعية في تطور مؤسسة السجون بالمغرب وذلك بالنظر إلى الاهتمام بترشيد وعقلنة وتنظيم المؤسسات السجنية؛ كما تم الاهتمام والحرص على تغيير المنظور التقليدي للمؤسسات السجنية من حيث الوظيفة؛ في نفس الوقت تروم الحفاظ على أمن المؤسسة وسلامة وكرامة السجين والمعتقل؛ فضلا عن الاهتمام بتجديد مفهوم السياسة العقابية قصد إعادة إدماج السجين في المجتمع؛
على صعيد آخر اعتبر رئيس المكتب الجهوي لنادي قضاة المغرب ببني ملال أن الجهود المبذولة حاليا أضحت تركز على ضرورة تجاوز النظرة الأمنية الضيقة والانتصار للثقافة الحقوقية من خلال الحرص على ضمان كرامة السجناء والعمل على إعادة إدماجهم وهو ما يفرض ضرورة توفير الامكانيات المادية اللازمة الكفيلة بتحقيق هذه الأهداف، مشددا على أهمية دور القضاء في مواجهة أزمة السجون.
وحول آليات مراقبة السجون ومدى فعاليتها شدد علال البصراوي رئيس اللجنة الجهوية لحقوق الانسان ببني ملال خريبكة على أهم الآليات الموجودة وفي مقدمتها رقابة القضاء ورقابة المؤسسات مثل المجلس الوطني لحقوق الإنسان و مراقبة المجتمع المدني، و رقابة الاعلام كما تطرق للمراقبة الادارية من خلال اللجنة الاقليمية التي يترأسها المسؤول الأول بالاقليم، حيث أوضح أن غياب القانون المنظم لعمل هذه اللجنة يجعلها بدون جدوى.
من جهته ركز مصطفى الشافعي مدير المرصد المغربي للسجون في مداخلته على دور المجتمع المدني في حماية حقوق السجناء حيث دعا إلى ضرورة النهوض بأوضاع السجناء من خلال آليات المراقبة المباشرة مثل الرصد والتتبع واصدار التقارير السنوية، والنشرات والبيانات الاخبارية، وحملات التحسيس والتوعية ، والحوار ثم آلية الاحتجاج المادي كخيار أخير في حالة عدم استجابة المسؤولين، فضلا عن آليات المراقبة غير المباشرة مثل فتح وتعميق النقاش داخل المجتمع و الدعوة إلى اصلاح نظام العقوبات. مشيرا إلى المعوقات التي تواجه جهود المجتمع المدني وفي مقدمتها ضعف التعاون من طرف السلطات الوصية وضعف الإمكانيات.
AZP02