نداء إلى القيادة السورية
غادا فؤاد السمّان
احفظوا هيبة الجيش السوري من مزيد من الشرذمة والانشقاقات، أعيدوا الثورة التي لا مناص منها، الى سلميّتها، افتحوا الشوارع الآمنة لرغبة الشعب بعيداً عن المتاريس والحواجز والمعوقات، كما تفعلوا للموالين، الحرب يجب أن تكون مع الشعب وليس ضدّه، أوقفوا جداول الدمّ التي تتخندق في جميع المناطق التي لم يعد بوسعكم تضميدها بالبيانات والخطب والمنافقين، احفظوا مستقبل أولادكم وأولاد الجميع من الثأر، لا تتركوا للمؤامرة الكونية تتحقق بفضل تخبّطكم، انسحاب الجيش وتوقف القصف، سيكشف فعلياً أمام الناس والعالم أجمع، من الذي يعبث بأمن سوريا، عام كامل ويزيد من استنزاف الجيش، واضعافه، وهروبه، وانشقاقاته، مامن خدمة أعظم من هذه الخدمة للمشروع الصهيوني وأطماعه في المنطقة، تقبّلوا الواقع كما هو، اخرجوا من أوهامكم ومن بعبعة ثلة المزايدين والمستفيدين حولكم، الدائرة تضيق، وساعة الصفر في الكواليس لأحلاف الغربان، تتأهّب في صمت، والحاخام الفاضل بوتين مع الحاخام بيريز كان أكثر ألفة من جميع لقاءاته السوريّة، و لافروف وما أدراك ما لافروف قد حسم أمره مع عنان وبدأ العدّ العكسي بصفقة ضمنية، كونوا المبادرين أمام الله، وأمام الشعب، وأمام الوطن، والأهم أمام ضمائركم، يكفيكم ما حصدتم من أبناء الطوائف التي عرفت جميعها طعنة الحزن والغدر والدمار، قفوا وقفةً تاريخية أمام مراياكم، اجعلوا من بادرتكم غصّة لسوريا بهيبة البادرة، لا تجعلوا من الارادة الدولية شماتة أبديّة أمام خصومكم المُتكالبين، لا أحد ينسى ذاك اليوم البائس يوم انسحاب الجيش السوري من لبنان بقرار أميركي وقد نفّذ خلال 24 ساعة من الهرولة والذلّ، وثلاثين عاما من الغطرسة والتجاوزات، لا أقول كلمتي هذه بدافع من أحد، أو بدفعة لي على أي حساب، فأنا وكلّ من حولي يعلم غارقة في العزلة والافلاس، لم أهرول الى فرنسا مع من هرولوا، ولم أقصد أبواب السفارات مع من قصدوا، ولم أتقاضَ أموالاً خليجيّة أو بترومصالح، كم أتمنى أن أعود الى دمشق قريباً لأجد فعلاً من يحترم الحوار، ويحترم تنوّع الفكر لا أحادية النعيْق، لستُ مع النظام أقولها جملة وتفصيلاً، ولكني لستُ مع هدر احترامه حتى ساعة الرحيل، ولستُ مع منظّري المعارضة في شيء، لكني مع ارادة الشعب والناس التي انتفضت لكرامتها بكل اعتداد، بمبالغتكم في قمع الناس وتصفيتهم، أعطيتم الفرصة السانحة لتناحر جميع الأضداد، أعطيتم الضوء الأخضر الابراهيمي ربّما لتوسيع دائرة المؤامرة التي لا تخفى على أحد، على الرغم من التضليل الاعلامي المتواصل من جميع الجهات، أعطيتم المساحة الأوسع للطوابير جميعها أن تتوافد وتتوالد على أرض سوريا التي أحيلت من مدنٍ سكنية الى ميادين للقتال والنزاعات المجانية التي لن تساهم الا في تعزيز مخطط التقسيم، أكتب هنا ما أكتب لأثبتَ لنفسي أولاً أنني لازلت على قيد الحاضر، لازلت أملك الخيار والرأي والانتماء، لازلت على ذمّة اليقين أنّ القيادة تُمثّل قوى الـ قيادة فعلاً، لا تُمثل هيئة الابادة العليا وحسب، أكتبُ ما أكتبُ هنا ومنذ عشرين سنة وأنا أكتب وكلّي يقين أنه ما من أحد بوسعه أن يأخذ كلمة واضحة صريحة مجرّدة من المحسوبيات والمزايدات والعلاقات والبورصات والشلليات والأدبيات المغرضة والدعم من الأقاصي، لكنني أؤمن بوطني الذي احتضننا معاً، بوطني الذي علينا أن نستعيد أمانه معاً، لطالما كتبتُ جملتي الصريحة لكنّ الأقلام المغرضة كانت لا تفلح في نقل النصّ بأمانة لأحد فيكم، بل كانت تقلب الصورة وتشوّه الحقيقة لتأتي على شاكلتها، مواربة وملتبسة وسيئة كما يحلو لهم، لم يتمتّع أزلامكم بشيء من الأمانة لحمل النصّ الهادف، ولم يصغ أحداً من رجالكم الذين يتخمون الأماكن الحساسة بغير الزيف والادّعاء والرغبات الساذجة، أكتب وربّما لن أجد أكثر من قارئ واحد قد يتّكيء وبحكم الصدفة على جداري هنا ليبكي معي، على ما آلت اليه الأوضاع في سوريا رغم حنكة الحكم الحكيمة، خشية يوم قريب يبكي فيه الجميع على ما كان اسمه سوريا، لا بدّ من اصطفاف الجيش الحقّ الذي يجمع الجيشان المتناحران على بعضهما البعض، ولا بدّ من ثقة الشعب بالوطن من جديد، لا بدّ من تعجيل العاجل الذي يتعاقب على الشاشة ليبشّر بعهد جديد من الهيبة والاستقرار، فنحن الذين لم يطالهم رصاص الغدر بعد، يطوّقهم اختناق شديد للأزمة السورية التي ضاهت كل الأزمات في العالم.
AZP07