ناعور الأزمات
ناعور الأزمات لدينا- معشر المبتلين بدوامته- في حركة دؤوب لاتتوقف ، فهو يدور كعادته من الشمال إلى اليمين ، كما أقرت ذلك لجنة النواعير المحنكة والمدربة على إدارة النواعير الأزماتية، فإذا توخيت منه حركة معاكسة ، فاحمد الله تعالى ألف مرة أن لاتأتيك هذه الحركة بشره المستطير!
ناعورنا ألأزماتي قديم النجارة ، تعاقبت عليه كثير من الحقب والأزمان والفتن والمحن ، وهو يراوح في وحله الازماتي بدون أية نتيجة تذكر سوى نتيجة الرجوع إلى الوراء آلاف الأميال في عالم يتقدم بسرعة رهيبة ، وهكذا بدا هذا الناعور مترهلا متوحشا ، مرة يسرع وأخر يبطئ ، والغريب أنه حتى في مرحلة ترهله وضعفه سريع الحركة ، وتفهمون قصدي فهو سريع الحركة باتجاه الوراء! ، فهو ناعور ماورائي محنك محكك ولكنه لايصلح ليكون من المعلقات السبع!، ودعني اغرق في وصفه .. فهو كلما ترهل ازدادت حركته ، وكلما ترشق ازداد بطؤه ، كفانا الله تعالى شره وشر أوصافه غير المحبذة!
وهنا يتساءل ملقني الكتابي (الموهبة) ، حفظه الله تعالى ورعاه وسدد على التساؤل خطاه! ، فيقول لماذا لايجد (المهرج الاستعماري) استجابة له وقيمة إلا في بلادنا العربية ، والبلاد المتخلفة ، بينما هو في غيرها مطرود محتقر، فهو يدخل دوما إلينا من الأواني المستطرقة العقائدية ، فيرجها بقوة ليستخلص منها احترابنا وتفككنا وتقاتلنا كما يحصل اليوم، في دمار امتنا شبه الشامل، وهذا المهرج لايستطيع أن يسوق مثل هذه البدع في بلاد تعرفه وتعرف بدعه ودعاواه وضلالاته.
ناعور الأزمات في بلاد الرافدين هو جزء من منظومة النواعير في العالم الحالي المضطرب ، فهو يتأثر بها ، ويتناغم معها بشكل أو بآخر ، على معنى مرددي مقولة (العالم اليوم كالقرية) في مزية الاتصال ، وعلى معنى مقولة (المثل الشعبي على حس الطبل خفن يرجلية) العالم وان كان كالقرية ، ولكن هذه القرية تداولتها النواعير فحولتها إلى ورشة فوضى وصخب وعويل!
ناعور الأزمات لايحقن دما ، ولا يقدم خبزا ، فلماذا نجعله يدور في رحانا؟! إن مشهد الناعور في حياة الناس القدماء ، يشير إلى مزية الخصب والنماء والخير والبركة ، ولكن ناعور أزماتنا يشير إلى العكس من ذلك ، نعم هنالك خصب ولكنه خصب في تجدد الأزمات والاختناقات .. وو.. الخ .. إننا بحاجة إلى إيجاد طريقة ما تتحكم بهذا الناعور وسرعته ، وأوقات تلاطمه وتآلفه كي نكون قادرين على تطويعه وتحويله من اتجاه الأزمات إلى وجهة الإنفراجات.
رحيم الشاهر
AZPPPL