مَن يعارض بقاء الرئيس؟ ـ خالدة خليل
حدث جدل بين قوى المعارضة في اقليم كردستان على خلفية تغيير نظام الحكم من رئاسي الى برلماني بهدف الحد من سلطات رئيس الاقليم، لكن الجدل نسي أو تناسى ان الامر لا يتعلق بشكل نظام الحكم، فلكل نوع من أنواع أنظمة الحكم ايجابيات وسلبيات، والامر عندنا لا يتعلق لدى الكثيرين بشكل نظام الحكم قدر تعلقه بشخص السيد رئيس الاقليم وهنا لابد من طرح جملة من الملاحظات القابلة للنقاش ومنها
ان الذين يعارضون بقاء الرئيس لدورة إضافية لا يستندون الى منطق، فالمنطق يقول بوجوب بقاء القائد الناجح، ووجوب ان تتسع حوله دوائر الدعم والمساندة، فالرئيس البارزاني قد أرسى دعائم الديمقراطية وأسس الاقليم الحديث، وحتما لم يكمل عبر مسيرته حتى اليوم تنفيذ خطته على أتم وجه فهناك حلقات ربما تتطلب وقتا لتكتمل، أضف إلى ذلك الاصلاح والتأسيس ــ لاسيما أن كردستان حديثة عهد بالحكم المستقل، وكل ذلك يتطلب بقاء الرئيس لوقت أطول ليضع ما في رأسه من خطط موضع التطبيق. الامر الاخر ان الرئيس البارزاني يعد رمزا للقومية، والرؤساء القادمون لن يمثلوا بناة للقومية بل ان من يأتي بعده سيكون مديرا للاقليم يمكن ان تتغير ولايته او تتجدد في فترات زمنية معينة، اما الرئيس الحالي فهو المهندس والباني ويجب ان يعطى فرصته لاكمال البناء.
هناك أمر اخر ان اي تبنٍ لاي نظام حكم سواء أكان رئاسيا ام برلمانيا او مختلطا لا بد له ان يستند بالدرجة الأساسية الى التقاليد التاريخية وثقافة الشعب ذاته اذ لا يمكن تطبيق نظام تتبعه دول بعينها، عاشت في ظل ديمقراطية لعقود طويلة على اقليم حديث عهد بذاتيته وهو ما يزال يواجه الكثير من المتربصين بتجربته، فالخطر المحدق خارجيا اكبر من تناسيه والنظر لنظام حكم ونوعيته. وما دعت اليه وتدعو قوى المعارضة متمثلة بكتلة التغيير التي استحدثت مؤخرا مقارنة بالحزب الديمقراطي الكردستاني الذي تجاوز تشكيله الستين عاما والاحزاب الاسلامية التي من المفترض لها ان ترى التغييرات التي حدثت في دول ما اسموها بالربيع العربي وانعكست سلبا على شعوبها ومنجزاتها، أن تصل إلى قناعة بخطورة الموقف وهي ترى في تلك البلدان كيف تحول الاستقرار فيها الى فوضى والامن الى احتراب والرفاه الى عوز. إن مثل هذه القوى التي تعارض بقاء الرئيس لمدة أطول وتطالب بنظام برلماني يغيب عنها حقيقة ان استحداث الانظمة البرلمانية جاء من اجل المحافظة على تماسك الدول التي يتصف تركيبها السكاني بالتعددية المذهبية والدينية ليكون في ظلها أفضل تمثيل لهذه الفئات، وهنا يطرح سؤال نفسه ألم تكن الطوائف والاعراق والمذاهب كلها متساوية في الحقوق ومنها حق المواطنة في عهد الرئيس الحالي الذي يتمم مسيرة والده البارزاني الخالد؟ هل من فئة يمكن أن تتظلم في ظل رئاسة البارزاني، من إقصاء أو تهميش أو محرومية في المناصب والمراتب والعدالة والمساواة امام القانون؟
هناك قلق آخر من دعوات المطالبين بشكل النظام البرلماني وهو ما نقرأه في وجوه العديد من الناس على اختلاف انتماءاتهم، وهو الخوف من أن يؤدي هذا النظام إلى بروز مصاعب تعترض انسيابية اتخاذ القرار وإلى إضعاف الحكومة في حال التحالفات المعقدة والاضطراب السياسي في حال ظهور تقاطعات بين الأحزاب داخل البرلمان..
واذن فهل تكمن المشكلة في نظام رئاسي او برلماني؟
يقينا إن الشعب الكردي اذكى من أن تمر عليه أجندات غير مكتملة ولم يحن الوقت بعد للتحدث عنها سيما وأن امامنا بداية تحقيق حلم هذا الشعب في ان يكون له وطن وهو ما تسعى إليه ولاشك كل القوى مهما بلغت درجة التعارض والتصادم بينها. ما زلت اذكر دموع لولا دا سيلفا الذي قاد البرازيل الى افاق بعيدة في النجاح والتطور، اقول مازلت اذكر دموعه التي انهمرت ليس لانه غادر الحكم بل لان الشعب كله خرج ليطلب منه البقاء وتعديل الدستور، وانا على يقين بان الشعب الكردي كله مستعد للخروج الى الساحات من اجل البارزاني الذي لو عمل معه الجميع باخلاص كاخلاصه، فإن كردستان لن يبقى هذا الاقليم الذي تشهد دول المنطقة بتطوره، بل سيكون سنغافورة ثانية.
AZP07