الرباط – عبدالحق بن رحمون
يتساءل خبراء، وسياسيون مغاربة عن القوة الناعمة لباريس ونكساتها الدبلوماسية المتوالية والمتلونة في أفريقيا من خلال طموحات ماكرون للبقاء على علاقاتها التقليدية، التي لم تعد لها تأثير في محيط جيوسياسي متحرك.
وطرح ناشطون وخبراء سياسيون استفهامات، حول الأسباب التي عمقت الأزمة بين الجزائر والمغرب، هل فرنسا المنحازة للجزائر هي أحد أسباب هذا التوتر.
وليس صدفة أن يحدث توثر مشابه في السيناريو مباشرة مع وقوع زلزال الحوز الأليم ، ويظهر في الواجهة الجزائر وفرنسا في محاولة استعلائية لتقديم المساعدات الإغاثية، في الوقت الذي رحبت فيه السلطات المغربية لعروض المساعدة التي قدمتها فرق البحث والإنقاذ من بريطانيا وإسبانيا وقطر والإمارات العربية المتحدة، رفضت قبول المساعدة من فرنسا ثم الجزائر .
لكن ماكرون سيصعد من حجم فجوة عمق التوتر بكلمة للشعب المغربي، وليس إلى السلطات الرسمية، هذا في الوقت الذي كان فيه جميع المغاربة وفرق الإنقاذ الوطنية والدولية منشغلين في سباق مع الوقت لإنقاذ الناجين انتشال ناجين من تحت الأنقاض وإسعاف المتضررين من الزلزال الذي ضرب مدينة مراكش ونواحيها كان ماكرون يزيد من حجم التوتر السياسي .
وسجل مراقبون وملاحظون سياسيون في تغريدات انتقادات وجهوها مباشرة إلى باريس الدولة الناعمة وإلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي توجه بخطاب إلى الشعب المغربي، مؤكدين أن لاصفة ولاحق له لمخاطبة الشعب المغربي بهذا الأسلوب، واعتبروا أن خطابه يعتبر تطاولا على سيادة المغرب، كما يعد خرقا لحدود اللباقة والبروتوكول الدبلوماسي والاحترام الواجب بين بلدين.
ويشار أن التوترات بين الرباط وباريس تصاعدت طيلة الأسبوع الذي نودعه، وقد تشابكت هذه التوترات مع تداعيات زلزال الحوز بالموازاة مع تصدعات في الدبلوماسية المغربية والفرنسية التي تعرف فراغا على مستوى القنوات حيث أراد الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، استعمال المناسبة لتقديم المساعدات الإنسانية لمتضرري الزلزال لتهدئة الأوضاع مع المغرب، لكن خطابه الذي أراد أن يوجهه إلى المغاربة أغضب السياسيين والحقوقيين بالمغرب واعتبروا أن ذلك عقدة استعمارية قديمة لفرنسا. وقال ماكرون إن الأمر سيادي بالنسبة للمغرب سواء قبل المساعدة الفرنسية أم لا. ويرى مراقبون أن فرنسا لاتزال تحمل الإرث الاستعماري الذي أراد المغاربة وضع قطيعة معه .
من جهته، وفي رد على ماكرون قال المحلل السياسي المغربي ، عادل بنحمزة في تغريدة إن “توجيه خطاب مباشر للشعب المغربي معناه أن جميع القنوات الرسمية أغلقت بين باريس والرباط”، مؤكدا أنه “ليس مقبولا من رئيس دولة أجنبية توجيه خطاب لشعب دولة أخرى.”
وسجل بنحمزة في تغريدته أن “المغرب يعيش لحظة حزن وطنية وليس له ما يكفي من الوقت للحديث في قضايا تمثل شرخا كبيرا في العلاقات الثنائية بين البلدين.”
على صعيد آخر، يتساءل مراقبون عن أسباب فشل باريس في الحفاظ على علاقات متوازنة بين الرباط والجزائر، واعتبروا أن هذا ما ضيع عن فرنسا الراعية لحقوق الإنسان فرص كثيرة لتكون قوة اقتصادية، وتظل المشاكل الدبلوماسية الفرنسية تتسع كوتها ورغبتها كي تبقى بعقد استعمارية سابقة، محاولة إبقاء نفوذها الكبير بالدول التي استعمرتها. لكن باريس المنحازة للجزائر، تحاول أن تستغل أزمة الزلزال الذي ضرب الحوز بالمغرب مخلفا ضحايا ومصابين لتعيد خلط الأوراق في المنطقة.
من جهة أخرى، أصبحت باريس تشعر أن البساط سحب من تحت أقدامها، حينما تم اعتراف واشنطن بسيادة المغرب على الصحراء ، لكن طموحات ماكرون يعتبرها ملاحظون أنها مجرد خطابة ستتبدد مع الوقت أمام واقع أفريقي جديد لم تستسغ حراس قصر الاليزيه تحولاته فرنسا .