د. فاتح عبدالسلام
تورط مواطن عراقي برؤية حلم تكرر عليه ثلاث ليال متتاليات، فقصّه على اصدقائه المقربين، خشية تسرّبه الى الكتل والتحالفات والأحزاب والاطارات والتيارات السياسية في البلاد.
قال المواطن: رأيت فيما رأيت انّ ساعي بريد عملاقا جاء الى بيتي الواقع في حي أور في بغداد، على دراجة هوائية ذات ثلاثة دواليب، لدى ابني واحدة منها بين ألعابه، وسلّمني رسالة طويلة وعظيمة ملفوفة على بكرة كبيرة لكبيل الامدادات الكهربائية المستخدم في الشوارع، فلّما فتحتها وجدتُ فيها بضع كلمات تقول:
لا انتخابات، ولا مفوضية، ولا تنافس، ولا تزوير ولا أكاذيب ولا هنبلات بعد اليوم، وعلى كل محافظة أن ترسل مدير البلدية ومدير الشؤون المالية بالمحافظة لاستلام الرواتب في رأس كل شهر.
وقال المواطن المستور، انه لشدة صدمته بالرسالة القصيرة المذهلة، فزّ من نومه مذعوراً، ونسي أن يسأل ساعي البريد عن الجهة التي ستقوم بتسليم الرواتب مادام لا توجد حكومة ولا انتخابات ولا وجع رأس.
فقال له أصدقاؤه انَّ هذا الوضع فوضى ولا يجوز الاعتراف به، وكان لابدّ أن يفصحوا في الرسالة عن الجهة التي ستوزع الرواتب على الموظفين، والعسكريين والحشد، والبيشمركة.
اعتذر الرجل منهم لهذا السهو، وقال انّ الخطأ ليس منه، ووعدهم ان ينام ليلة رابعة حتى يستطيع أن يجد إجابة على سؤالهم المُلح.
وفعلا، نام المواطن، تلك الليلة، وأصدقاؤه المقربون ينتظرون انبلاج الصباح، لكي يأتيهم بالجواب اليقين. لكن نوم المواطن طال، وبزغ الصبح وهو نائم، واصدقاؤه على الباب يفترشون الارض وينتظرون، وجاءت ليلة خامسة وهو نائم، وتوقعوا انه متعب كثيراً كأي موطن في هذا البلد المنكوب بالطبقة السياسية المقامرة بمصيره، لكن المواطن لم يفق، ومرّت عليه ليلة سادسة وسابعة وعاشرة ولايزال يغط في نومه، وأصحابه ينتظرون الجواب حتى الآن. ولما يئسوا قرروا الذهاب الى المحكمة الاتحادية لشكايته لأنه نكث وعده ولم يعد لهم بالجواب، ولا يزالون يبحثون عن عنوان المحكمة، لكن المواطن قام من نومه العميق، وقد حصل على جواب خشي إعلانه عليهم ولاذ به يحوص ويلوص في بيته مفضلا التظاهر بالنوم الابدي على الذهاب اليهم بالرسالة الجديدة ، فقد اخبره ساعي البريد العملاق انّ صرفيات الانتخابات المزورة والأموال المهدورة من تهريب النفط وسرقة المنافذ الحدودية والجمارك وتلفيات الفضائيين في مؤسسات الحشد والشهداء والسجناء والطلقاء والوجهاء والنزلاء والنبلاء، طوال ثماني عشرة سنة، ستعاد للخزينة ومنها تصرفون وتأكلون وتشربون.
ولا حول ولاقوه إلا بالله.
رئيس التحرير-الطبعة الدولية