توقيع
فاتح عبد السلام
بغض النظر إن كانت الخطوات بطيئة أو سريعة ،ومن دون الخوض في تعليل أسباب مجيئها متأخرة ، بات واضحاً أن القرار الأمريكي نهائي في تصفية تنظيم داعش في العراق. وان الإتجاه لتحرير الموصل ليس هناك حياد عنه ، لأنه لامعنى للإكتفاء باستعادة تكريت أو الفلوجة أو الرمادي مهما كان الإنجاز فيها برّاقاً إذا كانت الموصل خارج السيطرة.
مهما طالت المدة فإن تنظيم داعش سيتم طرده من Wالموصل ، لاسيما أن التوافقات الاقليمية باتت أقرب الى تحقيق هذه النتيجة الآن من أية فترة ماضية . لكن الموصل ستحتاج الى جهد استثنائي لاعادة الحياة فيها بطريقة تؤدي الى الاستقرار، واذا لم يكن هناك امكانية في بنود الدستور العراقي آن يحمي استقرار الموصل ،فلابد لأهاليها بكل تنوعهم أن يجتمعوا من اجل التوافق على عقد اجتماعي سلمي مكفول لتثبيت أسس التعايش ونبذ أي علامة سوداء يمكن أن تظهر في سماء المدينة قبل أن تتحول الى غيمة من مطر أسود مخيف أغرقت زخاته الموصل أكثر من سنتين ، ومن قبل ذلك لعشر سنوات سابقة أيضاً.
هذا العقد الاجتماعي بحاجة الى تفاهمات وعقود استقرار مع جيران الموصل لضمان عدم حدوث غبن وظلم وسلب لحقوق في مال أو أرض أو نفط ، الأمر الذي يقود الى احتقانات لن تسلم المنطقة كلها من آثار تقرحاتها.
من مصلحة اقليم كردستان العراق في وضعه الحالي أو اذا انتقل الى الكونفيدرالية أو الاستقلال في دولة ،أن تقوم حكومة محلية قوية ورصينة وعادلة ونزيهة في الموصل لضمان التواصل بما يحقق المنفعة المشتركة في مناطق متداخلة جغرافياً وسكانياً. وهذا يتطلب في الأساس نبذ فكرة الاستقواء بأية قوة خارجية لفرض النفوذ ورفع فلان وخفض علان .
جروح الموصل عميقة جداً وتحتاج الى وعي عال وصبر وحكمة وتسامح لمعالجة آثار المأساة والانطلاق نحو الحياة المستقرة لاسيما ان الموصل تتوافر على قابليات اقتصادية واستثمارية هائلة كفيلة بالمساعدة في اعادة تنظيم دورة الحياة التي اضطربت .
التجربة المرة في الموصل الآن ،سيكون لها فوائد في فرز الألوان والتطلع لرؤية صافية . لكن البداية ستكون حتما ً صعبة ومتأثرة بردود الأفعال وبآوهام بعض الذين يعتقدون انهم المالكون الشرعيون لحكم الموصل الى الأبد ..أو بالوصاية عليها الى الأبد.