من هو المسؤول ؟

من هو المسؤول ؟

واقع المرأة في كردستان

عند زيارتي أكثر من مرة الى اقليم كردستان ومدنها الكبيرة ألاحظ تطوراً كبيراً في العمران والأبنية الجديدة والأسواق التجارية الحديثة والتي بدأت تتنافس مع دول الخليج ودول أوربية بالأضافة الى فتح شوارع وجسور حديثة ولاحظت العدد الكبير من الصحف والمجلات والفضائيات الكثيرة وسلطة قانون سارية وقوية بألاضافة الى احترام المواطن عند أرتياده أحدى دوائر الدولة عند مراجعته معاملة ما والتنسيق الجميل في أنسيابية الملفات بين غرف الدائرة الواحدة فهكذا كله جعلني أن أشعر بالأعتزاز وأنا انتقل من دائرة الى أخرى للحصول على موافقة أنتقالي من بغداد الى كردستان فأعتقدت ان هناك أقليماً ديمقراطياً متمدناً حضارياً بالأضافة الى وجود وتمثيل نسائي (الكوتا) بنسبة 30 بالمئة في برلمان الأقليم ووجود وزيرات في الحكومة ولكن فوجئت ان هذه التشكيلة لا تعكس حقيقة أوضاع المرأة الكردية وهناك تعتيم متعمد على معاناة المرأة والعنف الذي يزاول ضدها والتمييز بسبب سيطرة الحالة الذكورية على المجتمع مما جعلني أن ابحث وأتقصى بعدما سمعت بحالات انتحار ليست بالقليلة بين النساء الكرديات مما يدعو الى القلق والخوف الشديد على مستقبل المرأة في العراق.

فأغلب المعلومات المتوفره تشير الى ظاهرة العنف والتميز التي يزاول ضد المرأة بسبب العادات والتقاليد الأجتماعية والدينية تجعلها أمام خيار الأنتحار والخلاص من التسلط المجتمعي والعنف الذي يزاول ضدها وهذا بحد ذاته تجاوز على كرامتها وأنسانيتها وهذا ما تنص علىه الأتفاقيات الدولية لمنظمات حقوق الأنسان. فهناك العديد من الأسباب لأنتحار المرأة في الأقليم منها سلب حرية المراة اُسرياً وأجتماعياً وخاصة في أختيارها لشريكها في الزواج منه ، وسيادة العادات والتقاليد البالية الذكورية والعشائرية وعدم أستقلالية المراة أقتصادياً وتبعيتها للرجل وبروز دور الشريعة الأسلامية بفرض قوانينها وأعرافها في تنظيم حياة الناس داخل المجتمع بدلاً من تفعيل القانون المدني ، بالأضافة الى قوة وسيادة العشيرة وتدخلها بحل الخلافات الأسرية.

هذه الأسباب كلها ساعدت تنامي ظاهرة العنف والتمييز ضد المرأة ، فأجبرت المرأة على خيار الأنتحار وجعلته بديلاً للتخلص من التسلط الذكوري ومن جميع أنواع العنف الأسري والنفسي والجنسي وشتى أنواع الضغوطات التي تقيد من حرية المرأة واهانتها والتقليل من قيمتها كفرد من افراد المجتمع وكأنسان مستقل يتمتع بكل الحقوق التي يتمتع بها الرجل.

أيضاً مسألة مهمة هي ختان الأناث لا زالت سارية بين العشائر الكردية وهذا بحد ذاته تحد سافر على حرية المرأة وعلى حياتها ووضعها الجنسي والذي من شأنه يحبط من معنويات المرأة ويجعلها خاضعة لليأس وعزلها عن المجتمع.

من الأسباب التي أجبرت المرأة على خيار الأنتحار هو عدم وجود الحماية القانونية اللازمة من قبل السلطات والمؤسسات الحكومية وخاصة من قبل وزارة المرأة في الأقليم بالأضافة الى عدم وجود قوى أمن تلجأ اليه المراة المعنفة من قبل الحكومة فهذا الواقع الذي تعيشه المرأة في الأقليم ومن خلال معايشتي للمرأة الكردية ومنظمات المجتمع المدني هناك أرقام مخيفة وقلقة بخصوص أنتحار المرأة حرقاً فـ 70 بالمئة من النساء المنتحرات حرقاً كانت تتراوح أعمارهن ما بين 14-30 سنة فأخر الأحصائيات تقول وصلت عدد النساء اللواتي انتحرن بسبب العنف المزاول ضدها حرقاً (2658) أمرأة في عام 2009 و414 أمرأة أنتحرن حرقاً أو تم حرقهن و 151 حالة في أربيل والسليمانية أما في دهوك 75 حالة فهذا العدد الخطير والمقلق لمنظمات حقوق الأنسان وللمجتمع الكردي والعراقي عموماً يجعل هذه المنظمات تتساءل ، أين حكومة كردستان من هذه الظاهرة وخاصة وزارة المرأة والنساء البرلمانيات ؟ ولماذا العجز عن هذه والسيطرة على هذه الظاهرة بتشريع قوانين لحماية المرأة المعنفة وتأهيلها وأندماجها في المجتمع؟ واذا كان فعلاً تأخذ أهمية جادة ولازمة فلا بد من أستقلالية هذه المنظمات النسوية البرلمانية وأستقلالها عن الأحزاب والتسلط الذكوري في هذه الاحزاب.

فنحن الأن في نهاية عام 2013 والعنف ضد المرأة يتزايد والأنتحار مستمر،وأغلب حالات الأنتحار هو غطاء لفعل أجرامي يرتكبه الزوج أو الأب والأخ والعم لغسل ما يسمى بعار العائلة او ردم العورة بسبب الاغتصاب والتعدي الجنسي علىها . والمرأة تدفع ثمنه غالباً بدون عقوبات شديدة تمنع مثل هذه الحالات ولكون رادع قانونياً ورد الأعتبار للمرأة المغتصبة والمعنفة.

حكومة كردستان العراق مع كل الأسف صبت كل أهتمامها في العمران وأخذت تتنافس مع دول الخليج وحتى دول أوربية في تنظيم الأقتصاد والبناء وتركت أهم مفصل في بناء هذا الأقليم وهو بناء وأعادة هيكلة الأنسان الكردستاني المتحضر المدني في السلوك والطباع وتخليصه من القيم البالية والتسلط العشائري وسيادة حكم القانون العشائري والذي ينظم المجتمع الكردي في الأقليم, فالأنسان هو الأساس المتين والصلب في بناء الدولة المدنية الديمقراطية اذا ما وضع في بيئة سليمة وقوية وذات أبعاد قانونية متحضرة فتأخذ من هذا الأنسان المتحضر أفضل العطاءات والأبداعات واحترامه الشديد للمرأة وتعامله المتحضر معها وترجع المرأة لها قيمتها وكرامتها وتصبح عضو فعال وقوي في بناء هذه الدولة ، فبدون مشاركة المرأة وأدماجها في المجتمع لا يكون هناك بناء قوي على المستوى الأنساني والمادي للمجتمع ، فالمرأة سابقاً كانت ألاله يعبد ويقدم له القرابين مالذي أنزله الى الأرض وأصبح عورة وعار ؟

فيا سادتي في حكومة كردستان ، لكي تكتمل الصورة الديمقراطية والمدنية والعمرانية للزائر الكريم يجب أن تصبوا أهتمامكم في بناء الأنسان بشكل عام والمرأة بشكل خاص وهذا طلبي موجه الى لجنة شؤون المرأة في البرلمان ان تراجع المشروعية الدينية والعشائرية لغسل العار ووضع بدائل قانونية مدنية لحماية هذه الثروة البشرية التي بناها الله سبحانه وتعالى وأمركم الرفق بها وليس هدمها لأنه بزوال المرأة من الكون يفنى الأنسان ، لأنها هي صاحبة الفضل العظيم لولادة البشرية.

ولنا موضوع أخر عن أنتحارالمرأة وقتلها في بقية مدن العراق.

الى اللقاء قريباً

ماجدة البابلي – بغداد

مشاركة