من قتل بان؟   – عماد آل جلال

من قتل بان؟   – عماد آل جلال

وفاة الطبيبة النفسية الشابة بان زياد طارق في البصرة لم تعد حادثة عابرة، بل تحولت إلى جرح مفتوح في ضمير المجتمع العراقي. كل التفاصيل التي تسربت من موقع الحادثة تدفع إلى التساؤل: هل نحن أمام انتحار فعلي كما قيل، أم أمام جريمة مكتملة الأركان جرى التستر عليها؟ جروح غائرة في اليدين حتى العظم، كدمات على الرقبة والوجه، كاميرات مراقبة عُطّلت فجأة، وعبارة كُتبت بالدم على الجدار… مشهد لا يطمئن ولا ينسجم مع حكاية انتحار تقليدية.

الرأي العام في البصرة والعراق بأسره لم يعد يقبل بتفسيرات سريعة أو بيانات مقتضبة. الشارع يريد الحقيقة الكاملة، لا روايات متناقضة ولا تسويات صامتة. إن وفاة بان ليست مجرد مأساة شخصية، بل قضية تتصل مباشرة بكرامة المجتمع وثقته في العدالة. الصمت أو التباطؤ في إظهار نتائج التحقيقات لا يعني إلا أمرا واحدا، فتح الباب واسعا أمام الشائعات وتكريس فقدان الثقة بالمؤسسات. القضاء اليوم أمام امتحان مصيري. فإما أن يكشف الحقيقة بلا مجاملة أو حسابات، ويضع النقاط على الحروف، وإما أن يترك الغموض يلتهم ما تبقى من ثقة الناس بعد أن اعتادوا على طي القضايا الكبرى في الظلام. حتى لو افترضنا جدلا أن بان قد أقدمت على الانتحار، فإن المجتمع يستحق أن يعرف الأسباب: ما الذي دفع طبيبة شابة ناجحة إلى تلك النهاية؟ وهل كانت ضحية ضغوط مهنية، أم تهديدات صريحة، أم عزلة قاتلة؟ إن قضية بان ليست ملفاً إداريا في أرشيف المحاكم، بل قضية حياة وموت، قضية ثقة ومصير. العدالة هنا ليست مطلبا عائليا فحسب، بل واجب وطني لحماية الكفاءات العراقية من الاستهداف ومن مصير الغموض. إن لم تُعلن الحقيقة كاملة، وبأدلة دامغة، فإن الغموض سيبقى أشد إيلاما من الموت نفسه.

مشاركة