من المسؤول إصدارات للوجاهة وأخرى للظهور في الإعلام

من المسؤول إصدارات للوجاهة وأخرى للظهور في الإعلام
ركام الكتب.. أفكار هزيلة وتجارب رثة
زيد الحلي
بغدادصارعتُ نفسي كثيراً قبل البدء بكتابة هذا الموضوع، إنه نوع من نشر الغسيل، وهذا من المحرمات في نهجي، لكن ما شاهدته ولمسته من حالة معيبة شملت حيزاً ليس بالقليل من المشهد الثقافي العراقي، ألح عليّ بالخوض فيه، رغم كُثرة الغامه وخطورة مساراته، و قوة القائمين على شيوع ظاهرته ، وأعني بها ظاهرة الكم المريب من الأصدارات البائسة من الكتب..
ولوأستمر الحال على ما هو عليه الآن، دون تدخل جهة معينة، كأن تكون لجنة مشهود بكفاءة من يمثلها منبثقة عن الأتحاد العام للأدباء في العراق لها صلاحية قرار نشرالكتب من عدمها، فأن واقعنا الثقافي سيدخل، إن لم يكن دخل فعلاً في نفق لا نهاية له، نتيجة خلق أوهام ثقافية وتقديم أسماء لاتتمتع بجذور معرفية، فأصدار كتاب ليس مجرد رغبة شخصية، بل هو شأن عام يدخل في باب الذائقة الثقافية للعراق، وبدلاً من فرحنا بسطوع نجم مبدع حقيقي في سمائنا الأدبية، سيكون أمامنا واقع حال مؤسف يضم أسماء لا حصر لها، تحاجج من يتصدى لها بالقول، بأن لديها مؤلفات ونتاجات مطبوعة في الشعر والرواية والأدب والفنون موشومة بصورهم ومهمورة بأسمائهم ذات البنط العريض..
قبل ان أضع يدي على هذا الجرح الثقافي الغائر، الذي يحمل بين جنباته واقعاً مأساوياً، لا يمكن التكهن بنتائجه المستقبلية، كنتُ أعيش فرحاً تمثله كُثرة الاصدارات العراقية، وكلما وقع نظري على قراءة لأصدار جديد في صحيفة ، او أسمع خبرا في الإذاعة او التلفزيزن عن صدورنتاج ثقافي عراقي، فأن الغبطة تغمرني، غير ان هذا الفرح تحول عندي الى غم ونكوص، فمعظم تلك الإصدارات يمكن ان نطلق عليها عنوان اصدار شخصي لا قراء له، والهدف منه وجاهي، ووضع تراكمات لتجذير أشخاص تعوزهم التجربة، تلهث وراء شهرة موهومة لا سند لها، وبكثرة اصداراتها ذات الطابع الشخصي، المغلف بسراب الثقافة، فأنها تؤسس لآسماء توحي للآخرين بأنها ذات ثقل معرفي بدلالة المطبوعات التي تحمل تلك الأسماء.
أرقام خجلى..
وتفاصيل المشهد الذي حوّل فرحي الى حزن أذكره بما يأتي
خلال الأشهر القليلة الماضية بدات ابحث عن مطبعة مناسبة لطبع كتابي خمسون عاماً في الصحافة الذي صدر مؤخرا ونفد والحمد لله . شمل البحث عشرات من دور النشر والمطابع في سوريا من التي شاعت اسماؤها في العراق من خلال اصدراتها لآلاف العناوين من هواة التأليف الوجاهي .. لقد ذهلتُ حين عرفت ان النسبة الكبرى من تلك الاصدارات مرمية في سراديب ومخازن تلك المطابع ودور النشر وحين سألت المعنيين في تلك الدور والمطابع عن هذه الظاهرة، قالوا بتندر، نتيجة خبرتهم، ان المؤلف العراقي يدفع ثمن الطبع ولا يهمه توزيع وكمية مايطبع ، والذي يهمه ويستقتل من أجله فقط هو حصوله على مائة او مائتي نسخة من كتابه بهدف التباهي به من خلال الإهداءات وتوكيد الذات امام من يريد، والسعي لشغل حيز من هذا البرنامج التلفزيوني او ذاك الإذاعي ليكون ضيفه، ووضع اسمه على لائحة الإستضافة في أحد المنتديات في بغداد اوالمحافظات…
ا

مشاركة