من الأكريليك إلى الزيتي: همسة شلهوب تصوغ معاناة المهاجرين

 

كاظـم بهَـيًـة

لقد امتازت التشكيلية السورية همسة شلهوب (26سنة) بإمكانياتها الفنية الهائلة ومهارتها الفائقة في رسومها، إضافة لحرصها على أن تكون اللوحة ذات قيمة فنية من خلال رسم الموضوع بمواصفات أكاديمية من جميع النواحي، وهذا ما ظهر جليًا في المعرض الأخير الذي أقيم تحت عنوان (المسافر). هذا ما أكدته الفنانة همسة شلهوب في إجابتها عن سؤالنا ماذا يعني موضوع اللوحة ومضمونها لديك؟: “موضوع اللوحة يعني لي الكثير، فهو صورة عما أعيشه وأراه في الحقيقة، وأنا متأثرة بشكل كبير به، خصوصًا بعد سفر وهجرة أقاربي وأصدقائي”.

ومن تلك الأحداث جاء معرضها الشخصي، الذي ضم (31) لوحة فنية بأحجام كبيرة وصغيرة، رُسمت بمواد الأكريليك والزيتي، معبرًا عن تلك المعاناة والهجرة والاغتراب الذي عانى منها الإنسان الذي هاجر وطنه للظروف التي مر بها. وانطلاقًا من التزام الفنان وارتباطه بالإنسان وقضاياه، مهما كانت، ظهر ذلك في أعمال (همسة) في معرضها (المسافر) كمصور بارع لها من خلال ما تقدمه من إبداع. تقول الفنانة همسة شلهوب: “منذ عام وأنا أجهز لإقامة هذا المعرض، الذي اخترت له عنوان (المسافر). جميع اللوحات تحكي عن ذاكرة المسافر وحالة الحنين التي يعيشها. الشخوص في اللوحة تتخيل وجود الأشخاص والعائلة والرفاق كنوع من العودة للماضي. وهناك أشخاص يحتضنون الحقائب وكأنها تحوي وطنهم، وهي الشيء الوحيد الذي استطاعوا أخذه معهم. في الحقائب وضعت أشياء يتمنى المسافر أن يأخذها معه ولكنه لا يستطيع، فالحقيبة تحوي أشخاصًا ومشاهد بصرية من ذاكرة المسافر، وقد تكون الحقائب فارغة تمامًا أيضًا”.

وقد أشادت بزيارة المتلقين للمعرض: “إن الكثير من المتلقين قد تأثروا بالأعمال وفكرتها، فالفكرة كما ذكرت هي من الواقع الذي نعيشه واعتقد أن فكرة السفر والهجرة قد لامست الكثيرين، فقد كان لكل متلقٍ في المعرض غائب، لذلك قد تأثروا بشكل كبير وواضح بها”.

تبلورت بداية موهبتها في هذا المجال منذ طفولتها، من خلال حبها للخطوط والألوان، حتى بدأت تنمي وتطور موهبتها بنفسها، مما دفعها إلى دخول كلية الفنون الجميلة – قسم الرسم والتصوير، حتى تخرجها في العام 2019، وكانت من الطلبة الأوائل على مدار (4) سنوات، سبق وأن شاركت بعدة معارض فنية مشتركة.

وعن مدى تأثرها بالمدارس الفنية على تجربتها التشكيلية، أشارت الفنانة همسة: “المدارس الفنية واسعة ومنوعة، ولكني أميل بشكل كبير للمدرسة التعبيرية وأصوغ أعمالي بشكل تعبيري معاصر”.

من أين تستلهمين أفكار أعمالك؟
– “أفكاري مستمدة من الواقع، فالفنان بشكل عام متأثر بالبيئة والوسط الذي يعيش فيه”.

ما تقييمك لتجربة المرأة في الفن التشكيلي؟
– “المرأة شقت طريقها بشكل واضح في الفن التشكيلي، واستطاعت إثبات نفسها وفرض هويتها، وهناك العديد من الأسماء المهمة في الحركة التشكيلية”.

من قدوتك في الرسم؟
– “أنا متابعة للحركة الفنية والفنانين بشكل عام، ومعجبة بأعمال العديد من الفنانين. الفنان الذكي هو من يستطيع الاستلهام من عدة فنانين وليس فنانًا واحدًا فقط، ولهذا لا يمكنني القول أن هناك فنان واحد هو قدوة لي بل العديد من الفنانين”.

أرى الكرسي يحتل مكانة في لوحاتك، ما سر ذلك؟
– “الكرسي دليل على المكانة ودليل على الراحة مرةً وعلى الانتظار مرة أخرى، فهو في كل لوحة له دلالة مختلفة. أما تشكيليًا، فأنا أرى أنه رمز تشكيلي جميل ويعطي نوعًا من الاستقرار في أعمالي”.

أيهما أسمى اللون في لوحاتك أم الفكرة؟
– “اللون والفكرة مكملان لبعضهما، فلا يمكن للفكرة وحدها أن تعطي جمالية للعمل البصري وكذلك الفكرة تعد داعمًا قويًا للعمل الفني”.

كيف يمكن للفن التشكيلي أن يلعب دورًا في تغيير المجتمع؟
– “الفن يلعب دورًا هامًا في تغيير وارتقاء المجتمع، فمن خلال الفنون قديمًا وصلنا للتواصل والحضارة. الفنان في المجتمع ينقل حضارة بلاده ويضيف إليها أيضًا”.

وأخيرًا، ما هي الرسالة التي تحاولين توصيلها من خلال أعمالك الفنية؟
– “رسالتي هي إيصال ما يشعر به المغترب للعالم، ورسالتي للمسافر أيضًا بأن هناك من يشعر به”.

 

 

مشاركة